دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها اليوم الأحد، قوات النظام للإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات السلمية التي شهدتها السويداء من السابع وحتى منتصف شهر حزيران الجاري.
وبينت المنظمة، أنّ قوات حفظ النظام ردّت على مظاهرة مناوئة للنظام في مدينة السويداء بـ 15حزيران بضرب واعتقال المتظاهرين، موضحةً تفاصيل الاحتجاجات التي قالت إنها انطلقت عندما تجمّع بين 50 إلى 100 شخص أمام مركز المحافظة للاحتجاج على تدهور الظروف المعيشية والفساد، حيث تعيش سوريا أزمة اقتصادية أفضت إلى انهيار الليرة السورية، ما حرم الناس من القدرة على شراء السلع الأساسية.
واعتمدت المنظمة في تقريرها على شهادات مدنيين شاركوا في التظاهرات، وأقرباء لأحد المعتقلين وناشطين في المحافظة، متحدثةً عن تسلسل المظاهرات ومجرياتها خلال أيام الثامن والتاسع والخامس عشر من هذا الشهر.
وقالت المنظمة، إن تظاهرة نظمت عند الساعة 11:15 صباحاً في 15 حزيران في ساحة الكرامة بمدينة السويداء، حيث قام مناصرو النظام بتنظيم تجمّع مؤيد للحكومة في الجهة المقابلة من الساحة، وتابعت نقلاً عن أحد النشطاء أنّ عناصر حفظ النظام بالبزّات الرسمية وميليشيات داعمة للحكومة تُعرف بالـ”شبيحة” هاجموا المتظاهرين فجأة من الجهة الأخرى للساحة في الساعة 11:30 صباحا تقريبا، وخرج آخرون من المتاجر ولحقوا بالمتظاهرين.
ونقلت المنظمة عن أحد المتظاهرين قوله: “حاصرونا واعتدوا علينا. ضربونا بعنف، وكان ذلك شنيعا وغير إنساني. اعتقلوا المتظاهرين بعد أن جُرح البعض منهم. رأيت الشباب يُعتقلون ويُضربون بطريقة همجية. ضربونا بعصيهم وأيديهم وأرجلهم. كان عددهم كبيرا”، مضيفاً أن “التظاهرة كانت سلمية وأنّ المتظاهرين لم يشتبكوا مع المؤيدين للحكومة أو الشرطة بأيّ شكل”.
وأوضحت المنظمة، أن المعتدين شملوا، إلى جانب قوات حفظ النظام المسؤولة عن حفظ النظام العام، والتي كان عناصرها يرتدون بزّات مموهة بالأزرق والرمادي ويحملون دروعا وعصي، ميليشيات مناصرة للحكومة بما فيها “كتائب البعث” -ميليشيا مسلّحة تنتمي إلى حزب البعث الحاكم-، حسب التقرير.
وأشارت المنظمة إلى أنها تابعت صوراً ومقاطع فيديو شاركها النشطاء مباشرة، وتوفرت على أحد المواقع المحلية، حيث يُظهر أحد المقاطع أفراداً بملابس شرطة معهم دروع، ويضربون المتظاهرين بالعصي في الساحة، بما يتطابق مع روايات الشهود.
وتحققت “هيومن رايتس ووتش” من موقع الصور والفيديو بسبب معالم جغرافية أخرى، بما فيها جامع السويداء الكبير ومتجر باسم “جورجينا” في الصور المنشورة على موقع “السويداء 24” المحلي، وصفحة فيسبوك تعود لميليشيا كتائب البعث، وفقاً للتقرير.
وتحدث تقرير المنظمة عن أنّ قوات حفظ النظام اعتقلت تسعة متظاهرين على الأقلّ، حيث وضع المعتقلون في باصات يُعرف أنّها تابعة لقوات حفظ النظام، مبيناً نقلا عن أحد الشهود أنهم “كلّما حاولوا اعتقال أحد، كنّا نسعى إلى إيجاد طريقة للإفلات منهم. دفع الشبيحة وعناصر كتائب البعث صديقي أرضا وأخذوا يضربونه، كانوا أربعة، حاولت أن أمسك بيَده وأشدّه لأخلّصه منهم، لكنني لم أفلح، أخذوا يضربونني أيضا، ولم أعُد أميّز الوقت”.
وكشفت المنظمة الأحداث التي تعرض لها المعتقون نقلاً عن روايات مقربين منهم، بأنّ مصادر في سجن السويداء المدني قالت إن الأشخاص الذين اعتُقلوا اقتيدوا إلى هناك، مشيرةً إلى أنه وفي 21 حزيران، أعلن محامٍ عن إحدى العائلات أنّ لجنة أمنية في السويداء تضمّ مسؤولين أمنيين بارزين طلبت نقل جميع المحتجزين، باستثناء واحد إلى دمشق، على أن يمثل الشخص المتبقي أمام قاضٍ في السويداء.
وروى قريب أحد المعتقلين لـ”هيومن رايتس ووتش”، أنّهم نُقلوا إلى دمشق، إلا أن المنظمة لم تتمكن من التحقّق بشكل مستقل من نقل المحتجزين، على الرغم من أن أقارب ونشطاء أكدوا أنّهم قلقون بشدّة من أن يؤدي نقل المتظاهرين المحتجزين إلى دمشق إلى قتلهم أو “إخفائهم”.
وخاطب التقرير حكومة النظام داعياً إياها لفتح تحقيق في الاستخدام المُفرط للقوة ضدّ المتظاهرين في 15 حزيران، وإخضاع المسؤولين عن العنف للمساءلة.
من جانبها “سارة كيّالي”، باحثة سوريا في “هيومن رايتس ووتش” أفادت بأن “الناس يتظاهرون لأنّهم بالكاد يستطيعون تأمين لقمة العيش، عوضاً عن ضربهم واعتقالهم كان من الأجدر بالحكومة أن تركّز على معالجة القضايا الكامنة وراء نزولهم إلى الشوارع مرّة أخرى”.
وأشارت “كيّالي”: إلى أنه “نظرا للتاريخ الوحشي للحكومة السورية، من المدهش أنّ الناس شعروا بدرجة يأس دفعتهم إلى التظاهر. على الحكومة السورية أن تُدرك أنّ المعارضة ستستمرّ، ما دامت تتابع حكمها الفاسد والقمعيّ”، على حد تعبيرها.