في العادة؛ تعكس طريقة التعامل مع أي موضوع نتائجه المترتبة عليه، وهذا ينطبق على موسم الصوم. ولمعرفة كيف ينظر السوريون من ذوي الدخل المحدود إلى شهر رمضان على الصعيد المالي؟
يتعامل السيد “حسان” مع وجبات السحور والفطور على طريقة “اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب”متأثراً بالجو العام الذي تبثه مشاهد التلفزيون خلال إعلاناتها المتتابعة عن مائدة رمضان.
ومنذ اليوم الأول للشهر الفضيل وعقب ساعات طويلة من الحرمان اشترى حسان ما لذ وطاب من أصناف اللحوم والفاكهة والحلويات واضعاً إياها على مائدة الإفطار في انتظار أذان المغرب لتبدأ المعركة منتهية بهزيمة ساحقة للرجل الذي لم تحتمل معدته الكميات الكبيرة من الطعام.
يعشق حسان كما يؤكد لـ “اقتصاد” التجول بعد صلاة العصر للتسوق. “شيء ما يدفعني لشراء كل ما يقع تحت يدي. المعروك شيء ضروري. التمر هندي والسوس لا يمكن الإفطار بدونهما. الفاكهة نفس الشيء. وهكذا أصرف يومياً أكثر مبلغ 6 آلاف ليرة على الأقل لتحضير مائدة الإفطار وقرابة ألفي ليرة للسحور”.
لن ينتهي شهر رمضان إلا وقد قُيّد حسان بالديون. وكيف لا، وما يحصل عليه شهرياً لا يكفي لشراء نصف احتياجاته الحالية؟!
بخلاف حسان الذي يعتبر نفسه مسرفاً في مصروف رمضان، يقتر السيد “أبو أحمد” على نفسه وأسرته بشكل رهيب.
“لا يمكن أن أسمي هذا بخلاً.. أنا أحاول التوفير ما استطعت. شهر رمضان للعبادة وليس لتشهي مختلف أنواع الأطعمة”.
يحاول أبو أحمد شراء الطبخة التي لا تتجاوز قيمتها الـ 400 ليرة. ومن هذا المنطلق يندر أن تتواجد على مائدته وجبات مصنوعة من اللحم أو السمك أو حتى الوجبات الشامية المعروفة كالكبة والمحاشي وسواها.
بالنسبة للمشروبات يستعيض عنها أبو أحمد بالماء البارد وظرف من الشراب المحلى بالسكر (لا تتجاوز قيمته 25 ليرة سورية). وهكذا يوفر الرجل نصف مدخوله الشهري الذي لا يقل عن 45 ألف ليرة.
قصة “أبو سمير” تعتبر معالجة مقبولة لفكرة الصيام. لم يقتر الرجل على زوجته وأولاده الثلاثة في شراء احتياجات الإفطار، لكن “بالمعقول”، كما يوضح خلال حديثه لـ “اقتصاد”.
“راتبي الشهري 60 ألف ليرة. قبل حلول رمضان كان لا يكفي للخبز واللحم والخضار. لكن اليوم ومع انحسار ساعات الإفطار أوفر يومياً أكثر من 700 ليرة. في الحقيقة هذا المبلغ أدخره لشراء ملابس العيد لأولادي”، يقول أبو سمير.
كطريقة للتخلص من شراء اللحم المستخدم للطبخ كل يوم اشترى أبو سمير منذ اليوم الأول لرمضان كيلو ونصف من لحم الضأن المفروم مكلفاً زوجته بصنع (القاورمة). وبهذه المعادلة وفر على نفسه دفع مبلغ يتراوح بين 500 و 1000 ليرة يومياً إذ لا تصلح أي طبخة دون وجود اللحم فيها.
إلى ذلك؛ لا يشتري الرجل المشروبات الجاهزة مثل التمر هندي والجلاب والعرقسوس (تبلغ قيمتها 500 ليرة يومياً)، مستعيضاً عن ذلك بشراء مواد خام لصنع هذه المشروبات (كلفتها أقل من 1500 ليرة)، وهذه فكرة ذكية وفرت لديه الكثير من الأموال.
بالنسبة للسحور يبتعد أبو سمير عن الأكلات المكلفة كالزبدة البقرية والجبنة المعلبة والشوكلاتة. “لدينا البيض والجبن البلدي واللبنة والزيتون والمربيات. هذه القائمة تعطيك سحوراً ممتازاً دون تكاليف باهظة”.
المصدر: محمد كساح – اقتصاد – eqtsad.net