الصيف ضيعتِ اللبن
يحكى أن رجلاً يدعى “عمرو” تزوج ابنة عمه وهو شيخ كبير، لكنه كان سخياً كريماً عليها، يحبها ويحنو عليها، لكنها لم تقنع بحالها، وكرهت كبره وشيخوخته.
وكانت تندب حظها الأعثر الذي جعلها تتزوج من شيخ مسن مثله، وتضيع جمالها وشبابها في ظله، وبعد فترة سألها :“أيسرك أن أفارقك وأطلقك ؟”
قالت: “نعم”، فَطلقها وكان ذَلِكَ في الصيف.
وتزوجت المرأة بعد “عمرو” شاباً وسيماً، لكنه لم يكن بنفس وجاهة وشجاعة وكرم زوجها الأول، ففي يوم أغارت عليهم قبيلة فنبهت زوجها، وكان نائما ً، إلا أنه خاف واستعظم القتال، فأصابه الفزع ومات في مكانه. وسباها قوم ” بكر بن وائل” .
لكن زوجها الأول حين سمع بذلك، أسرع وأرسل فرسانه ليستنقذوها من السبي والمهانة.
وتزوجت بعد ذلك من شابٍ آخر، إلا أنه كان فقيراً لدرجة أنها كانت تشتهي شرب الحليب الذي لم تكن تفتقده في بيت زوجها الأول، بل كانت تشربه بديلاً عن الماء في كثير من الأحيان لوفرته.
وفي يوم من الأيام كانت تقف هي وجاريتها على باب خيمتها ، ومرت أمامهم قافلةٌ تسد الأفق من بضائعها وإبلها. فطلبت من جاريتها أن تسأل صاحب القافلة بعض اللبن من إبله. وحينما ذهبت إذا به زوجها الأول “عمرو”، فطلب من الجارية أن تشير له على سيدتها، وحينما رآها وتعرف عليها، قال للجارية : قولي لسيدتك “الصيف ضيعتِ اللبن”، أي أنك أضعتي ما كنتِ فيه من عزٍ وخيرٍ.
ومن هنا درج هذا المثل وصار يٌضرب في كل من يتجاهل الخير الذي لديه، ويتبطر على النعم التي يعيش فيها، ثم يندم على ذلك.