ترزح غوطة دمشق الشرقية تحت حصار خانق منذ خمسة أعوام جعل من الحياة فيها أشبه بالجحيم وأدى إلى نفاذ المواد الغذائية من الأسواق وانقطاع سبل الحياة لآلاف الأسر المدنية التي باتت محكومة بالموت في حال استمر الحصار لأكثر من ذلك.
وتقول مها ناشطة من غوطة دمشق أن غاية النظام هي إبادة الغوطة بمن فيها فليس الحصار وحده ما يستخدمه بحربه ضد أهل الغوطة بل إن القصف والغارات الجوية لم تتوقف للحظة واحدة عن المدن والمراكز الحوية والأسواق والمرافق الخدمية والحقول الزراعية في محاولة واضحة لدفن الغوطة الشرقية بمن فيها.
ولا تكمن المأساة بحسب تعبير مها في عدد الشهداء والجرحى وحالات البتر والإعاقات والمرضى الذين خلفهم الجوع والحصار وليست المأساة أيضا بعدد البيوت والشوارع والمرافق التي دمرت ولا بعدد الغارات الجوية التي تنهال كالمطر ولا بالقنابل والغازات المحرمة التي تقصف بها الغوطة ليل نهار، بل إن المأساة في استمرار هذه الحالة أمام سمع العالم ومرآه من غير أن يحرك أحد ساكنا.
وتقول مها أن الحياة توقفت في الغوطة الشرقية فلا مدارس ولا جامعات ولا معاهد ولا أسواق ولا معامل ولا حتى المنظمات الإنسانية تعمل في أدنى امكانياتها ولم يدع النظام حجرا على حجر ولم يعد بمقدور العوائل على امتداد الغوطة إلا العيش في أقبية لا تصلح سكنا للدواب أو النزوح إلى الأراضي الزراعية التي لا تقل خطورة وسوء.
ولم يتثنى لمها توصيف المأساة التي تحصل في غوطة دمشق وتعيش فصولا منها بشكل يومي فقد “وصلت المعاناة إلى أوجها” على حد تعبير مها “وما يبقى الناس هنا أحياء إلا إيمانهم وإرادتهم القوية ولعلنا وصلنا إلى مرحلة لا يمكن أن تعبر كلمة مجزرة أو إبادة أو محرقة عن جزء يسير من حقيقتها”.
وتسعى الهيئات المحلية والدفاع المدني وبعض المجالس المحلية لتدارك الأوضاع في الغوطة على الرغم من انعدام امكانياتها بسبب الحصار وعدم قدرتها على تأمين جزء يسير من حاجيات الغوطة التي تتزايد يوماً بعد يوم.
ولم يعد بمقدور عشرات المنظمات والهيئات المدنية ممارسة أي نشاط لها سوى توصيف الواقع وتوثيق الجرائم التي وصلت إلى حد لا يمكن تخيله ومخاطبة المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية.
وقد وصفت الهيئة العامة لتنسيق العمل الإغاثي في بيان لها وصل حلب اليوم نسخة منه الوضع في الغوطة الشرقية ببالغ الخطورة، وقال “إن غوطة دمشق الشرقية بكافة مدنها وبلداتها تمر بتطورات كارثية في ظل التصعيد الهمجي الذي يشنه النظام بكافة أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا والتي كان آخرها استخدام غاز الكلور في دوما وحرستا”.
ونبيه البيان إلى خطورة الوضع وأنه يزداد سوء وأن ما يحصل في الغوطة يرقى إلى حرب إبادة حقيقية وجرائم حرب بحق المدنيين العزل أدت إلى تدمير البنى التحتية من مشاف ومراكز طبية ومدارس ودفعت بآلاف العائلات إلى التشرد والنزوح القسري.
وحملت الهيئة في بيانها المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان ما يحصل داخل الغوطة الشرقية من حرب إبادة جماعية بحق أهلها وتقاعسهم عن رد الظلم عن المنكوبين وتوفير أدنى حقوق الحياة الكريمة لهم.