سوريا تحتل المركز قبل الأخير بين الدول العربية الأكثر سعادة في العالم ربما هو عنوان يختصر وضع عام ألفين وثمانية عشر الذي مر على الشعب السوري بكل تفاصيله وتجلياته، لينتهي وتستمر قضية السوريين.
تطورات سياسية وعسكرية وميدانية شهدها العام المنصرم اعتبرها بعض السوريين بالمهمة سياسياً فيما اعتبرها آخرون استمراراً لنهج الفشل الذي بدأه المجتمع الدولي منذ عام ألفين وأحد عشر، لا سيما مع الهيمنة الروسية على القرار السياسي السوري والمحاولات الدولية لتعويم نظام الأسد.
عملية غصن الزيتون كانت إحدى أبرز الأحداث العسكرية التي شهدتها الجغرافية السورية في العام الماضي حيث أطلقتها تركيا في كانون الثاني لتعطيل مشروع “ب ي د” بالاشتراك مع فصائل الجيش السوري الحر ضد تنظيم في منطقة عفرين، وحقَّقا فيها نتائج معتبرة بالسيطرة على عفرين وتحرير كامل الشريط المحاذي لتركيا.
وقبل انتهاء عملية غصن الزيتون شن نظام الأسد بدعم روسي إيراني هجوماً على الغوطة الشرقية، في 19 شباط، كان من أشد أعمال الهجوم عدوانا حيث استخدم فيه الأسد الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا، مستهدفا مدينة دوما في السادس من نيسان مخلّفاً عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، لتنتهي العملية بتهجير غالبية المحاصرين نحو الشمال السوري برعاية أممية.
لتشهد بعدها أرياف حمص وحماة حصارا قاسياً انتهى بتوقيع الفصائل مع روسيا على “التهجير” نحو مناطق ريف حلب شمالي سوريا.
كذلك الفصائل في بلدات القلمون الشرقي وافقت على بنود اتفاق مع روسيا قضى بتسليم السلاح الثقيل وتهجير آلاف المدنيين الذين لا يريدون المصالحة مع نظام الأسد باتجاه مناطق الشمال السوري.
فيما وقعت درعا مهد الثورة على اتفاقيات مصالحة وتهجير بعد تعرضها لعدوان من قبل الأسد وروسيا وإيران ،حيث خرج المهجرين نحو إدلب شمالي سوريا، فيما نزح أكثر من 80 ألف نسمة باتجاه الحدود الأردنية جنوبا.
حصار المناطق الثائرة ثم تهجير أهلها كان نقطة تحول كبرى في تاريخ الثورة السورية، أدت إلى إضعافها لكنها لم تنهيها.
فصول مسرحية التغيير في سوريا استمرت لتجعل منها لوحة لا متجانسة لا سيما مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية روسية وإيرانية وتركية أفضت بإخلاء حول بلدتي كفريا والفوعة من سكانها، والبالغ عددهم نحو 7 آلاف شخص تقريبا.
سيطرة تنظيم الدولة على مناطق شاسعة بات من الماضي حيث خسر تباعا عشرات المناطق وانحسر في جيب صغير في أقصى شرق دير الزور A15 لا سيما مع إعلان التحالف الدولة إطلاق المرحلة الأخيرة من العملية العسكرية التي شنها ضده في كل من العراق وسوريا.
الغارات والصواريخ الاسرائيلية تصدرت الأحداث العسكرية سورياً حيث تتعرض مواقع لإيران وحزب الله بالإضافة لمواقع عسكرية للنظام تضمنت مطارات ومستودعات سلاح وبطاريات مضادة للطيران لغارات جوية اسرائيلية، أفضت في أيلول عن إسقاط وسائط الدفاع الجوية لنظام الأسد، طائرة عسكرية روسية، كان على متنها 15 شخصية عسكرية روسية، وأدت الحادثة لتوتر في العلاقات بين روسيا واسرائيل .
الأحداث السياسية كذلك كان لها زخمها حيث عقدت روسيا “مؤتمر الحوار الوطني” السوري في مدينة سوتشي الروسية، خلال يوم واحد فقط في الثلاثين من كانون الثاني وانتهى المؤتمر بالاتفاق على تشكيل لجنة دستورية من ممثلي نظام الأسد والمعارضة، لإصلاح الدستور وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي “2254”.
المفاوضات حول سوريا استمرت في اجتماعات أستانا لكنها لم تحرز أي تقدم يذكر باتجاه حل النزاع.
عقد الرئيسان الروسي والتركي قمة ثنائية في مدينة سوتشي يوم 14 أيلول لبحث مصير إدلب، لتنجح تركيا في تجنيب إدلب العدوان وفق بنود من أهمها إقامة منطقة آمنة على الحدود الفاصلة بين إدلب ومناطق نظام الأسد، خالية من السلاح الثقيل، مع بقاء المعارضة فيها بالسلاح الخفيف، وإخراج الفصائل الراديكالية منها، وفتح الطريقين الدوليين حلب – حماة، وحلب – اللاذقية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فاجأ العالم قبل أيام من رحيل من العام 2018م عبر سلسلة تغريدات نشرها على تويتر قال فيها إن القوات الأمريكية ستخرج من سوريا يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نية تركيا شن عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية شرق الفرات وفي مدينة منبج.
فيما بدأت دول عربية بالتطبيع مع الأسد وإعادة العلاقات الدبلوماسية حيث زار الرئيس السوداني عمر البشير دمشق بشكل مفاجئ فيما أعادت الإمارات افتتاح سفارتها في دمشق لتلحق بها البحرين وسط استعداد عراقي للقيام بخطوات مشابهة .
شبكات حقوقية وثقت مقتل حوالي 20 ألف شخص في سوريا خلال عام 2018، وأخرى قالت إن سوريا احتلت أخطر دول العالم على حياة الصحفيين فيما يبقى السوريون ينتظرون مصيرهم المجهول مع دخول عام جديد.