في استمرارٍ لعمليات العودة الإنسانية المنظمة، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن إعادة 53 لاجئاً سورياً من ليبيا إلى أراضي الجمهورية العربية السورية. وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة رحلات طوعية تدعمها المنظمة الأممية، في وقت تشهد فيه ملف العودة تحولاتٍ وسياساتٍ متباينة على المستويين الإقليمي والدولي.
ووفقاً لإعلان المفوضية عبر منصاتها الرسمية، امس الاثنين، تمكن 53 شخصاً “بعد سنوات من الانتظار” من العودة إلى ديارهم في سوريا من ليبيا. وتمثل هذه الرحلة استكمالاً لمسار بدأته المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الشهر الماضي، عندما نظمت في 8 تشرين الأول/أكتوبر أول رحلة إنسانية طوعية في العام 2025، أقلعت من طرابلس وعلى متنها 152 سورياً إلى دمشق، بناءً على طلب رسمي من وزارة الخارجية والمغتربين السورية.
وتؤكد المفوضية أنها “تدعم قرار اللاجئين في العودة الطوعية… وتحترم القرارات الفردية… وتقدم المشورة لضمان اتخاذ القرارات بطريقة مستنيرة وطوعية”. وتُعيد التأكيد في جميع اتصالاتها أن جميع خدماتها مجانية، وتحذر اللاجئين من المعلومات المضللة والمحتالين.
مع ذلك، لا تزال المنظمة تُصر على أن “المفوضية لا تشجع العودة إلى سوريا” وتدعو الحكومات إلى “عدم إعادة اللاجئين السوريين قسراً بسبب استمرار المخاطر في العديد من المناطق”. وهذا الموقف يستند إلى تقييمات دولية، حيث خلص التقرير الأحدث للوكالة الأوروبية للجوء (EUAA) في تشرين الأول/أكتوبر 2025 إلى أن سوريا ما زالت بلداً غير آمن للعودة، مشيراً إلى انهيار أمني واقتصادي وإنساني واسع، حتى في المناطق الخاضعة للحكومة الانتقالية.
بين الحوافز الأوروبية والرفض السوري للترحيل القسري
في المقابل، تشهد أوروبا ضغوطاً سياسية متزايدة لتنظيم عودة اللاجئين السوريين. فقد أعلنت حكومات مثل الدنمارك والسويد عن نيتها التعاون مع دمشق في هذا الملف، مع الإشارة إلى استعدادها لتقديم دعم مالي. إلا أن الحكومة السورية ترفض بشكل قاطع استقبال أي لاجئين يُرحلون قسراً، مؤكدة أنها لا تقبل سوى بالعودة “الطوعية والآمنة والكريمة”، وتربط أي تعاون أوسع بضرورة توقيع اتفاقيات سياسية ومالية شاملة.
وقد عبّر لاجئون سوريون في ألمانيا عن هذه المخاوف، قائلين إن “سوريا بلدنا لكن العودة صعبة”، مشيرين إلى تحديات الأمن والخدمات والاقتصاد المدمر.
وفي حصيلة العودة الكبرى والتحديات المستقبلية
على الرغم من التحديات، فإن أرقام العودة تُظهر حركة ديمغرافية كبيرة، حيث أعلنت المفوضية في وقت سابق عن عودة مليون سوري إلى البلاد خلال الأشهر التسعة الماضية، منذ الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، إضافة إلى عودة 1.8 مليون نازح داخلياً إلى مناطقهم الأصلية.






