شهدت سوريا هذا العام، الموسم الأكثر جفافا منذ نحو قرن، ما أثر سلبا على المحاصيل والإنتاج الزراعي، وما يتعلق به من تربية المواشي والدواجن، وأدى لمزيد من الغلاء مع تراجع القدرة الشرائية للسوريين.
وتعيش البلاد هذه الأيام موجة حر متوسطة الشدة، بدأت منذ منتصف الأسبوع الحالي ويستمر تأثيرها حتى بداية الأسبوع القادم حيث تبدأ بالانحسار اعتبارا من السبت، وفقا لمكتب الإنذار المبكر للعوامل الجوية في الدفاع المدني.
وارتفعت مؤخرا أسعار العديد من الخضار والفواكه، وسط ضعف قدرة المواطنين على الشراء، ما أدى لتراجع “تموين” بعض الأصناف، بينما تزداد التحديات أمام السكان مع حالة الدمار الواسعة والركود الاقتصادي.
وأوضح المزارع أبو حاتم، من ريف إدلب الشرقي، لحلب اليوم، أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي لتراجع قدرة النباتات على إنتاج الثمار، فضلا عن ضعف جودتها، مع احتمال انتشار الأمراض والأوبئة، ما يسبب نقصا في المعروض بالسوق وبالتالي ارتفاعا بالأسعار.
وليس هذا الارتفاع في صالح المزارع، لأن نقص الإنتاج يقلل من ربحه في هذه الحالة، كما أنه ليس في صالح المستهلك أيضا.
وكان الصيف الماضي قد شهد أسعارا مرتفعة لكثير من المواد الغذائية، خصوصا الخضروات، في شمال غربي البلاد، بسبب تعرض المنطقة لموجات حر متتالية أرهقت المواسم التي عانت كثرة الأمراض والحشرات، الناجمة عن تقلبات وتغيرات الطقس، فضلا عن الحرارة، إلا أن الأسعار لهذا الصيف تزيد عن السابق بفارق كبير قد يصل إلى نحو الثلث بشكل متوسط.
إلى ذلك فقد زادت أسعار الفروج موخرا، لتصل إلى مستويات كبيرة جعلته خارج متناول شريحة واسعة من السكان، فيما كان مرتفعا أساسا منذ أشهر بعيدة.
يقول سالم أبو أحمد، صاحب محل فروج في مدينة إدلب؛ إن الارتفاع يعود في الأساس لزيادة التكاليف المرتبطة بأسعار العلف، والمحروقات، حيث تسبب الجفاف بقلة إنتاج المحاصيل العلفية من الذرة بأشكالها والشعير وغير ذلك، وهو ما انعكس على أسعار المواشي أيضا، بل حتى الأسماك التي ارتفع سعرها هي الأخرى.
لكن موجات ارتفاع الحرارة، تزيد تكاليف التبريد، في المداجن، كما تصبح الحيوانات عرضة للوفاة بسبب الحر، وبسبب انتشار جراثيم وفيروسات قد تنشط مع تلك الظروف البيئية، وبالتالي يقل المعروض في السوق ويزيد السعر، وفقا لما قاله أبو أحمد.
وأشار الرجل إلى أن ازدياد الحرارة يفرض على أصحاب المداجن تشغيل المكيفات الصحراوية، وطلاء الجدران الخارجية بالكلس الأبيض، وضخ المزيد من المياه، وهو ما يزيد في تكلفة الطن، مضيفا أن زيادة الأسعار ليست في صالح المربين ولا البائعين، حيث ينخفض الطلب وتقل عمليات البيع، فضلا عن الفراخ التي تموت نتيجة الحر.
وسُجّل في ربيع العام الماضي نفوق أعداد كبيرة من الدواجن جراء انتشار مرض “برونشيت”، ما أدى لارتفاع أسعار الدواجن، خصوصا مع موجات الحر التي شهدها الصيف الفائت، ولا تزال مرتفعة حتى اليوم رغم حالة التذبذب التي شهدتها على مدى أكثر من عام.
ويستمر ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء أيضا نتيجة تصدير العديد من رؤوس الماشية، نحو ليبيا والسعودية، وتقول الحكومة إن ذلك القرار يحمي المربي من الخسارة، حيث يلجأ المربون عادة لبيع مواشيهم بأسعار رخيصة في السوق المحلية في مواسم الجفاف بسبب ارتفاع تكاليف العلف.