يشهد سد تشرين أحد أهم السدود المائية في سوريا، وضعاً متأزماً بعد تحصن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخله، في ظل تصعيد الصراع بينها وبين فصائل الجيش الوطني السوري، السد الذي يقع على نهر الفرات في ريف حلب الشرقي، يشكل محوراً حيوياً للطاقة والمياه، مما يجعل النزاع حوله محط أنظار الأطراف المحلية والدولية.
يمثل سد تشرين نقطة تحكم حيوية في المنطقة، حيث يُستخدم لتوليد الطاقة الكهرومائية وتوفير المياه للري والشرب لملايين السكان، مع تصاعد النزاع تحولت السيطرة عليه إلى ورقة ضغط استراتيجية، تسعى الأطراف لاستغلالها لتعزيز نفوذها.
وبحسب المحلل العسكري عبد الله الأسعد: “تستميت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الدفاع عن سد تشرين، الواقع جنوب منطقة منبج، وكذلك جسر قرقوزاق، وذلك خشية فقدانهما، إذ يُعتبر هذان الموقعان بوابة استراتيجية تتيح الوصول إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قسد شمال شرق سوريا، في المقابل تسعى فصائل الجيش الوطني إلى السيطرة على محيط السد، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بين الجانبين، حيث تدور معارك تعكس شراسة الصراع بينهما.
وأضاف، حالياً يخضع سد تشرين لسيطرة الجيش الوطني، ما يثير قلق قسد من تبعات هذا الوضع، إذ أن السد يشكل منفذاً حيوياً إلى عمق المناطق التي تسيطر عليها قسد في شرق الفرات، وتخشى قسد أن يؤدي هذا التقدم إلى اختراق عميق في مناطق نفوذها، مما يهدد استقرار سيطرتها إلى حد بعيد، لهذا يُعد الدفاع عن سد تشرين وجسر قرقوزاق بالنسبة لقسد مسألة مصيرية، حيث تبذل قصارى جهدها للحفاظ على وجودها في هذه المواقع الاستراتيجية”.
فيما بيّن الأسعد أنه تمكنت فصائل الجيش الوطني السوري، بالتنسيق مع الحليف التركي، من السيطرة على منطقة منبج في إطار معركة “فجر الحرية”، مما دفع قسد إلى الانسحاب من المنطقة، كما وجهت تهديدات إلى قسد بضرورة الانسحاب الكامل من المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها، وسط تحذيرات من رفع العلم التركي في هذه المناطق، ورغم الانسحاب تواصل قسد التمسك بمواقعها في مدينة عين العرب (كوباني)، التي تُعد إحدى أبرز المواقع الاستراتيجية المتبقية تحت سيطرتها.
شهدت العديد من القرى تصعيداً عسكرياً نتيجة المحاولات المستمرة لقسد لاستعادة السيطرة، الاشتباكات المستمرة تزيد معاناة السكان الذين يعانون تداعيات النزاع على البنية التحتية والخدمات الأساسية.
مع تصاعد التوترات حول سد تشرين، دعت العديد من الأطراف الدولية والناشطين إلى المطالبة بتحييد السد عن النزاعات العسكرية، وضمان سلامة البنية التحتية التي يعتمد عليها ملايين السكان، وتأتي هذه الدعوات وسط تحذيرات من أن أي استهداف للسد قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، بما في ذلك الفيضانات واسعة النطاق وتدمير الأراضي الزراعية وإمدادات الكهرباء والمياه.
يبقى سد تشرين نقطة محورية في النزاع الجاري في شمال سوريا، حيث تتقاطع المصالح الاستراتيجية مع الاحتياجات الإنسانية الملحة، ومع استمرار الصراع، تبرز الحاجة إلى تدخل جاد يضمن تحييد هذه المنشأة الحيوية وحماية ملايين المدنيين من تداعيات أي تصعيد عسكري محتمل.
هبة الله سليمان