جددت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مهاجمتها لإدارة سوريا الجديدة، رغم حالة القبول والترحيب الغربي والأمريكي والدولي، وهو ما انتقدته بشدة، داعية لإعادة النظر في تلك المواقف.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، يوم الجمعة، إن الإدارة الجديدة لسوريا هي “عصابة إرهابية كانت في إدلب وسيطرت على العاصمة دمشق”.
وكانت القوات الإسرائيلية قد شنت حملة قصف جوي هي الأوسع على الإطلاق في سوريا، فور سقوط النظام السابق وهروب الأسد، فيما أطلقت عدة تحذيرات للحكومة الجديدة، وبدت غير راضية عن سقوط النظام.
يقول مصطفى النعيمي المحلل السياسي السوري، لموقع حلب اليوم، إن “الرؤية الإسرائيلية حول التعامل مع حكومة سوريا الجديدة، لم تتبلور حتى هذه اللحظة، لا سيما أن هنالك الكثير من الملفات العالقة إبان حقبة الأسد المظلمة”.
ولم تُخف إسرائيل تخوفها من توجه الحكومة السورية، حيث انتقد ساعر المواقف الدولية الإيجابية تجاهها، معتبرا أن “العالم يريد أن يراهم كحكومة جديدة ومستقرة لأن الدول تريد إعادة اللاجئين الموجودين على أراضيها إلى سوريا”، ومحذرا من أن الإدارة الجديدة هي “نظام إسلامي”، وفق تعبيره.
يأتي ذلك رغم تأكيد محافظ دمشق ماهر مروان، عدم وجود عداء مع إسرائيل، في تصريحات وصفها مراقبون بأنها محاولة لتحييد الموقف الإسرائيلي، حيث قال إن تل أبيب “قد تكون شعرت بالقلق بعد تغيير النظام في دمشق بسبب فصائل معينة”.
ووصف هذه “المخاوف” بأنها كانت “طبيعية”، عندما “تقدمت وقصفت”، حيث نفذت إسرائيل ضربات عنيفة ضد أهداف استراتيجية في سوريا ودمرت معظم قدرات الجيش الجوية والبحرية والبرية، بل توغلت في المنطقة العازلة.
وجاءت تصريحات مروان في حديث مع الإذاعة الوطنية العامة الأميركية “إن بي آر”، فيما بدا محاولة أيضا لتبديد مخاوف واشنطن، حيث أكد أن “سوريا ليس لديها أي خوف تجاه إسرائيل”، والمشكلة ليست معها”، وأن دمشق “لا تسعى للتدخل في أي أمر يهدد أمنها أو أمن أي دولة أخرى في المنطقة”.
ويعتبر النعيمي أن مرحلة ما بعد إسقاط الأسد لا تزال غير واضحة بالنسبة للإسرائيليين، حيث هنالك اتفاقيات منها وقف إطلاق النار وما يتعلق بمسألة الهيمنة على الجولان المحتل، إضافة إلى مسألة المياه، وملفات عالقة كبيرة تحتاج إلى جهود محلية وإقليمية ودولية لحل تلك الأزمات.
وأعرب عن اعتقاده بأن إدارة دمشق لديها القدرة على إجراء تفاهمات تتناسب مع هذه المتغيرات، لاسيما أن هنالك ضغوطا إسرائيلية مستمرة بهذا الخصوص، تحاول من خلالها استغلال مرحلة ضعف دمشق للاستيلاء على مصادر المياه والتي تعتبرها جزءا من مشروعها في حرب المياه في المنطقة العربية.
ويبدو أن التوغل الإسرائيلي الأخير يعود أدراجه، حيث أن القوات دخلت من أجل مكافحة الميليشيات المرتبطة بإيران، وتقول إنها أدت المهمة، وبناء عليه يعتقد النعيمي أن الانسحاب سيستمر من كثير من المناطق التي احتلتها القوات الإسرائيلية، لا سيما في محافظة القنيطرة وصولا إلى جبل الشيخ.
وكان أحمد الشرع قد دعا المجتمع الدولي لإيجاد حل لمشكلة التوغل البري الإسرائيلي في الجنوب السوري، لكن أيا من الدول لم تضغط على الاحتلال، فيما اكتفت بإصدار التصريحات المعربة عن القلق.
وقال الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس الفائت، إن قواته ما زالت في المنطقة العازلة الممتدة داخل الأراضي السورية التي توغل بها في الأسابيع الأخيرة، نافيا أنباء عن انسحابه من بلدات حدودية في ريف درعا، لكنه أكد أنه “لا ينوي الدخول للمناطق المدنية” هناك.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اعتبر أن الحدود مع سوريا باتت جبهة حرب، فور سقوط الأسد، وتوعد “النظام الجديد” في سوريا بمواصلة الهجمات.
ووصف أعضاء الإدارة الجديدة بأنهم من “الجهاديين”، معتبرا أنهم لا يقلّون “خطورة” عن الإيرانيين الذين وصفهم أيضا بأنهم “إسلاميون”، كما هدد بضرب الحكومة الجديدة في سوريا، في حال “شكلت خطرا على أمن إسرائيل”.
من جانبها وصفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هسكل أحمد الشرع بأنه “ذئب في ثوب حمل”، خلال مؤتمر صحفي أعدته لتحذير الغرب من الإدارة الجديدة، بعد سقوط الأسد، وقالت إنه “من المهم أن نتجنب الوقوع في محاولة تبييض صورة الجماعات المسلحة في سوريا.. نحن نعرف من هم ونعرف حقيقتهم، حتى لو غيروا أسماءهم، نحن نفهم مدى خطورتهم على الغرب”.
وكانت الولايات المتحدة قد أكدت إمكانية رفع هيئة تحرير الشام من قائمة التنظيمات الإرهابية، مبدية استعدادها للتعاون معها، والاعتراف بحكمها لسوريا.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن “الثوار السوريين يقولون الأشياء الصحيحة حتى الآن، ونشعر باطمئنان من طريقة حكم هيئة تحرير الشام لمناطق سيطرتها قبل سقوط الأسد”.