يتواصل الجدل في ألمانيا حول التشريعات والقوانين الواجب اتخاذها بشأن طالبي اللجوء، لناحية العمل، حيث تتجه الأحزاب اليمينية في الائتلاف الحاكم نحو التشديد والتقييد، فيما تحتاج البلاد إلى جهود الأيدي العاملة وذوي الكفاءات.
وطالب عمدة برلين كاي فيغنر، بزيادة حصة اللاجئين في سوق العمل، من خلال إزالة حظر عمل اللاجئين، وفقا لما نقله موقع “مهاجر نيوز” عن وكالة (د ب أ) الألمانية للأنباء.
وأبدى معارضون من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) الذي ينتمي إليه فيغنر، موقفًا متحفظًا تجاه إزالة حظر العمل، فيما يطالب سياسيون بفرضه على طالبي اللجوء لساعات يوميا وبأجور زهيدة، أو مجانا.
وتعتبر ألمانيا من أبرز الدول الصناعية على مستوى الاتحاد الأوروبي، وكانت حاجتها للأيدي العاملة والكفاءات قد دفعتها لاتباع سياسات منفتحة لجذب المهاجرين، لكنها غيرت نهجها مع اقتراب عدد طالبي اللجوء من المليون.
يقول المحامي والناشط السوري، المقيم في ألمانيا، مروان العش، لحلب اليوم، إن هناك توجها لتأمين العمالة الفنية والمهنية من دول مستقرة، بعد وصول الأحزاب اليمينية للسلطة، وتغير المزاج الشعبي، حيث باتت شريحة واسعة من المجتمع الأوربي تعتبر اللجوء خطرا على مستقبل القارة وهويتها.
وأضاف أن هناك دولا لديها كوادر فنية ومهنية يمكنها أن تغطي الحاجة لليد العاملة المطلوبة، عرضت خدماتها على الألمان، مثل الهند والبرازيل وكينيا ومصر وغيرها، وهو ما يشجع الحكومة على تقليل الاهتمام باللاجئين.
لكن فيغنر يخالف تلك الرؤية، وقد قال لشبكة تحرير ألمانيا: “يتحقق الاندماج بشكل أفضل من خلال البدء السريع في العمل وتعلم اللغة الألمانية.. لذلك أرى أنه من المفيد أن يتمكن الأشخاص الذين يبحثون عن ملجأ من العمل في وقت مبكر”.
وأكد ضرورة إعادة النظر في القواعد الحالية، “لأنه لا يفيد أحدًا أن يظل هؤلاء الأشخاص مجبرين على البطالة لعدة أشهر.. من الجيد أن يتمكن اللاجئون الآن من العمل بعد ستة أشهر من إقامتهم في مراكز الاستقبال الأولية بدلًا من الانتظار لتسعة أشهر كما كان الحال سابقًا، وأن يُسمح للمقبولين بشكل مؤقت بالعمل في معظم الحالات”.
وأشار إلى وجود نقص في القوى العاملة، معتبرا أنه “من غير المقبول أن يبقى هذا العدد الكبير من اللاجئين دون عمل”، وأنه على الحكومة أن “تستغل بشكل أفضل الفرص لتوجيه طالبي اللجوء للعمل في الأنشطة الخيرية”.
وبحسب العش فإن هناك جهودا في ألمانيا نحو خفض قبول المهاجرين الاقتصاديين والحماية الإنسانية، وتفعيل حضور العمالة المهنية عبر فيزا العمل والنقاط، ضمن شروط مشددة، مع حفظ حقوقهم كعمال لا كلاجئين، فالقوانين هناك لا زالت حتى اليوم تحمي اللاجئين السوريين وغيرهم من الترحيل الفردي أو الجماعي، “لكن هذا لن يستمر”.
ونوه بأن الأحزاب الأوربية تتجه نحو التشدد تجاه السياسات والقوانين التي تخص الهجرة إلى أوروبا، حيث تعتمدها أغلب الأحزاب السياسية لاكتساب أصوات الناخبين، وأن ذلك يأتي تماشياً مع مطالب متحفظة بوقف موجة اللجوء الأوربي التي بدأت بعد 2010، ووصلت الذروة عام 2015، ولازالت أفواج اللاجئين تصل برا وبحراً وجواً بكل الوسائل والأساليب.
ويضيف المحامي والناشط السوري أن ظهور المزيد من اللاجئين في ألمانيا، يضغط على السياسيين للتشدد بالتشريعات التي تحد من قبول مهاجرين جدد، ويدفع نحو حصر إقاماتهم بإقامة حماية مؤقتة لفترة، وتخفيف المساعدات الإنسانية لهم ووقف صرف مساعدة مالية شهرية.
ويمكن للبلديات مطالبة طالبي اللجوء بالقيام بأعمال لا تحتاج إلى مهارات مثل كنس الشوارع وتنظيفها، أو تقليم العشب أو تنظيف النوافذ، ويتيح ما يُعرف بـ “فرصة العمل” إمكانية الشغل لطالبي اللجوء واللاجئين ولكن بشكل غير منتظم، ويحصل المهاجرون على مقابل مالي قدره 80 سنتا في الساعة، وهو أجر زهيد، يُدفع لهم مباشرة على بطاقاتهم الخاصة.
وتقول الوكالة الألمانية، إن فكرة عمل طالبي اللجوء ليست جديدة، لكن الجديد هو أن طالبي اللجوء الذين لم يُبت في طلباتهم بعد ويرفضون العمل، يتم تخفيض دعمهم المالي الذي لا يتجاوز 180 يورو شهريا.
وتعتبر مدينة زاله أورلا أوّل مدينة في ألمانيا تطبق ما يسمى بـ “Arbeitspflicht”، أو إلزام العمل، على الرغم من أن البند القانوني الذي يسمح للسلطات بفرض العمل على طالبي اللجوء كان دائما جزءاً من قانون إعانات طالبي اللجوء، الذي صيغ عام 1993.
وبموجب القرار الجديد الذي تم تبنيه في منطقة زاله أورلا، يجب على جميع المقيمين البالغين الأصحاء في مركز استقبال اللجوء، العمل لمدة تصل إلى أربع ساعات في اليوم، حتى إن رئيس الوزراء في ولاية بافاريا ماركوس زودر يرى أنه يتوجب على أي شخص يعيش في ألمانيا أكثر من ثلاثة شهور ولا يوجد لديه عمل، القيام بمثل هذه الوظائف غير الربحية التي لا تحتاج إلى خبرات مهنية، وأي شخص يرفض القيام بذلك، يتعين عليه أن يتوقع تخفيض المعونات المقدمة له.