سجّلت أسعار زيت الزيتون انخفاضا كبيرا في الشمال السوري، مع حلول الموسم الحالي، حيث نزلت إلى ما يقرب من النصف، مقارنة بأعلى قيمة بلغتها خلال العام الحالي.
وكان الزيت الذي تشتهر به كل من عفرين وإدلب في شمال غرب سوريا، قد وصل إلى أسعار غير مسبوقة، مع حلول الربيع الفائت، ووصلت قيمة “التنكة” – كمية معيارية تعادل 16 كيلو غرام – خلال الربيع والصيف إلى ما يقرب من 120 دولارا أمريكيا.
حدث ذلك بعد موجة غلاء عالمية سببها أزمة أصابت إنتاج الزيتون في إسبانيا، نتيجة الأمراض والتقلبات المناخية، بدأت منذ الموسم الفائت، وبلغت ذروتها خلال العام الحالي.
يقول عبد الرحمن أبو سالم، تاجر المواد الغذائية في ريف إدلب، لموقع حلب اليوم، إن انخفاض السعر هو في مصلحة الجميع، باستثناء المصدرين والمزارعين، حيث استطاع خلال هذا الموسم بيع كميات لا بأس بها، مع نزول سعر “التنكة”، التي تباع حاليا بنحو 65 دولارا، وذلك بحسب الجودة.
ويوضح أبو سالم أن هذا السعر هو في الحقيقة مرتفع، وأنه لم يشهد في حياته كتاجر للمواد الغذائية هكذا ارتفاعا، ولكنه بدا انخفاضا لكونه أتى بعد ارتفاع كبير.
وحول الأسباب قال إنها تتعلق بتراجع تصنيف زيت الزيتون السوري عالميا، لكن السوق العالمي شهد انخفاضا بعد تحسن الإنتاج الإسباني، مضيفا أن الانخفاض ليس محليا فقط، كما أنه أمر معتاد في كل موسم.
وأدى ذلك إلى انخفاض أرباح المزارعين عن التوقعات التي تصوروها، على نحو كبير، لكن أبا سالم لا يستبعد العودة للارتفاع، حيث عمد الكثيرون إلى التخزين في انتظار تحسن الأسعار.
ولا يزال الموسم الحالي في بداياته بالمنطقة، بسبب تأخر هطول الأمطار، حيث ينتظر الفلاحون تعرض أشجار الزيتون للمطر، من أجل أن تأخذ الحبة أفضل حالاتها وتمتلئ بالزيت قبل القطاف.
يقدّر المزارع عبد الرحيم، وهو مهجّر من ريف إدلب، أن ما يقرب من نصف الزيتون بالمنطقة لا يزال دون قطاف، بسبب تأخر المطر، ما يعني أن حصاد الموسم لا يزال في طور مستمر، وأن الأسعار ربما تشهد مزيدا من الانخفاض.
لكن الأخير يؤكد أن ذلك الأمر معتاد في كل عام، حيث يبيع الفلاحون بأسعار رخيصة، نتيجة الحاجة إلى المال، وربما باع أغلبهم قسما قليلا من إنتاج محصوله، وخزّن الباقي، لذا فإنه لا يستبعد العودة إلى الارتفاع، خاصة وأن السوق الخارجية عصية على التوقعات.
وفي مناطق سيطرة الأسد انخفضت أيضا أسعار زيت الزيتون على نحو كبير، وقد تراجع سعر “التنكة” من نحو مليون ونصف المليون ليرة، إلى ما دون المليون ليرة، فيما تؤكد المصادر المحلية انخفاض الجودة في هذا الموسم، بسبب ارتفاع نسبة الأسيد.
ونقل موقع “هاشتاغ” الموالي للسلطة، عن رئيس قسم تكنولوجيا الأغذية في البحوث العلمية الزراعية، الدكتور محمد الشهابي، مطلع الشهر الحالي، أن هيئة المواصفات العالمية والمجلس الدولي لزيت الزيتون، أكدا خروج زيت الزيتون السوري من قائمة المعايير والمواصفات العالمية بسبب ارتفاع نسبة الحموضة ومستويات البروكسايد.
وحول الأسباب قال الشهابي، إنها ترجع إلى طريقة تجميع الثمار، وعدم عصرها مباشرة، بالإضافة إلى جودة طرق العصر والمعاصر ونوعية العبوات، لكنه لم يوضح سبب حدوث ذلك خلال هذا الموسم، وما الذي اختلف عن المواسم السابقة؟!.
وبين المزارعين والمصدرين، يعود الانخفاض بالفائدة على ذوي الدخل المحدود، كما يؤكد الشاب “حسان .م” الذي يعمل باليومية ويتراوح أجره اليومي حول 100 ليرة تركية فقط، فيما بلغ سعر كيلو الزيت الواحد إلى نحو 180 ليرة تركية، لكنه انخفض اليوم إلى نحو 130 ليرة.
ويقول حسان إنه لم يعد قادرا على شراء زيت الزيتون منذ زمن بسبب ارتفاع الأسعار، لكنه ربما يشتري القليل منه خلال هذا الموسم.
وتشهد معظم السلع في الشمال السوري ارتفاعا كبيرا في أسعارها، وسط حالة من الركود، وقلة فرص العمل، وارتفاع مستويات الفقر.