كثفت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية قصفها على المدنيين قرب خطوط التماس بريفي إدلب وحلب، خلال الفترة الأخيرة، وهو ما انعكس سلبا على حياتهم اليومية في تلك المناطق، وذلك لمن بقي من السكان ولم يستطع الخروج.
وقد تم تسجيل حركة نزوح واسعة منذ أسابيع، خوفا من اندلاع المعارك، بعد انتشار أنباء وشائعات حول نية الفصائل العسكرية بالمنطقة شن هجوم نحو مدينة حلب، وريف إدلب الشرقي؛ الأمر الذي فاقم معاناة المُهجرين في المنطقة والسكان الأصليين على حدّ سواء.
وأفاد مراسل حلب اليوم، بوقوع قصف مدفعي لقوات الأسد على كل من قرى كفر عمة وكفر تعال والعصعوص بريف حلب الغربي، بالإضافة إلى البارة جنوبي إدلب، التي تم استهداف محيطها أيضا بطائرة مسيرة ملغمة، صباح اليوم الاثنين، في سلسلة مستمرة من التصعيد منذ أسابيع.
وحول تلك الأوضاع؛ قالت إدارة الدفاع المدني السوري، في تصريح خاص لموقع حلب اليوم، إن الهجمات القاتلة لقوات الأسد وروسيا تنعكس بشكل سلبي جدا على حياة المدنيين في المواقع القريبة من خطوط التماس، ولكن ذلك لا يقتصر على تلك المناطق.
ونوّهت بأن الأماكن البعيدة أيضا تعاني من تقييد حركة المدنيين وخاصة في المناطق الزراعية، مع ما تفرضه الأوضاع من قيود تمنعهم من الوصول إلى حقولهم ومزارعهم.
ووثق فريق منسقو استجابة سوريا، مقتل 34 مدنيًا وإصابة 88 آخرين بالهجمات التي تشنها قوات الأسد والميليشيات التابعة لها، بالطائرات المسيرة شمال غرب سوريا، منذ بداية العام الحالي.
وقال الفريق في بيان نشره اليوم الاثنين، إنه أحصى مقتل 16 مدنيًا وإصابة 39 آخرين، بينهم نساء وأطفال بالهجمات التي تشنها قوات الأسد باستخدام الصواريخ الموجهة.
ويؤكد الدفاع المدني لحلب اليوم، أن ذلك الواقع يُعرض العديد من المزارعين لخسارة محصولهم، بسبب عدم قدرتهم على جنيه، خوفا من الاستهداف، عدا عن الأثر النفسي لحالة الخوف والرعب المستمرين، واللذين يمنعان الكثير من المدنيين من القيام بأعمالهم، ما يؤدي لتوقفهم عن أشغالهم، وهو ما ينعكس أيضاً على الحالة المادية والاقتصادية لعشرات العوائل التي تعتمد على عملها ذلك، كمصدر رزق تعيش منه.
كما تسبب هذا الواقع بخسارة كبيرة في الأرواح جراء الاستهدافات المتكررة، وخاصةً بالطائرات الانتحارية المسيرة والصواريخ الموجهة التي تكون فرصها بالقتل أكبر، نتيجة قرب أهدافها المدنية من مناطق التماس، ما يسهّل من عملية السيطرة للطائرات المسيرة والتحكم في الصواريخ الموجهة.
وبلغ عدد الاستهدافات بالطائرات المسيرة 256 استهدافًا باستخدام 874 طائرة، منذ بداية العام الحالي، وفقا لفريق منسقي الاستجابة الذي “أدان بشدة الأعمال العدائية المستمرة، واستخدام هذا النوع من الأسلحة واستمرار الخروقات التي تقوم بها كافة الأطراف في المنطقة والتي سببت سقوط الضحايا المدنيين والإصابات”.
ووفقا لإفادة الدفاع المدني، فإن أكثر من عشرين قرية قريبة من خطوط التماس، شهدت بالفعل حركة نزوح مع تصاعد وتيرة العنف والقصف المتواصل من قوات الأسد، وهو ما يجعل البقاء في تلك الأماكن صعبا للغاية مع التخوفات الشديدة من تقدم قوات الأسد إليها.
واستجابت “الخوذ البيضاء” إلى 107 هجمات من قوات الأسد وحلفائه، منذ بداية التصعيد المكثف مع مطلع شهر أيلول الماضي وحتى منتصف شهر تشرين الأول الجاري؛ أدت لمقتل 14 مدنياً وإصابة 63 آخرين، وكانت هذه الهجمات معظمها على القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس في ريفيّ إدلب وحلب.
ويُذكر أيضاً أن الطائرات الروسية قد ارتكبت مجزرة في ورشة لتصنيع المفروشات الخشبية ومعصرة للزيتون على أطراف مدينة إدلب، يوم الأربعاء 16 تشرين الأول، أدت لمقتل 11 مدنياً وإصابة 31 آخرين معظمهم من عمال ورشة المفروشات والمعصرة.
ولا يزال الغموض يخيّم على المشهد الإنساني والعسكري بالمنطقة، حيث إن قوات الأسد حشدت عناصرها وآلياتها على مقربة من خطوط التماس في ريفي إدلب وحلب، ردا على إرسال الفصائل لتعزيزات عسكرية.
وبعد تأكيد مصادر إعلامية محسوبة على فصائل بالمنطقة، قرب انطلاق عمل عسكري “ضخم” ساد الصمت تجاه أسئلة المدنيين الذين نزح عشرات الآلاف منهم خوفا من تلك التطورات.