تشهد منطقة شمال غربي سوريا حالة من التوتر النسبي، مع تكثيف قوات الأسد لإجراءاتها العسكرية الدفاعية، بالتزامن مع تداول شائعات حول إمكانية انطلاق عمل عسكري من قبل فصائل المعارضة.
ونزح خلال الأسبوع الفائت عدة آلاف من السكان القاطنين بالقرب من خطوط التماس، حيث توجد أكثر من عشرين قرية وبلدة تبعد لمسافات تقل عن 10 كيلومترات عن خط الجبهة.
وقال مراسل حلب اليوم إن قوات الأسد أطلقت العديد من القنابل المضيئة، خلال ليلة الجمعة – السبت الماضية، على خطوط التماس في ريفي إدلب الشرقي وحلب الغربي، خوفا من حدوث عمليات تسلل من قبل فصائل المعارضة.
كما سجلت حركة الطيران الروسي نشاطا واسعا اليوم السبت وأمس الجمعة، دون تسجيل غارات، حيث حلّق الطيران الحربي لعدة ساعات، رفقة طائرة الاستطلاع المعروفة بالبجعة، وذلك بعد فترة هدوء طويلة.
وزاد أيضا نشاط الطائرات المسيرة الاستطلاعية على خطوط التماس، وما خلفها، وسُجلت بعض الاستهدافات بالطيران الانتحاري، فيما استهدفت مدفعية قوات الأسد مواقع عدة.
يأتي ذلك فيما يستمر خروج الآلاف من أهالي المنطقة في ريف إدلب الشرقي، وريف حلب الغربي، خصوصا بالقرب من الأتارب والفوج 46، حيث بقي بعض السكان ممن ليست لديهم أمكنة بديلة يلجأون إليها، خصوصا أن الحديث عن انطلاق المعركة لا يزال في إطار الشائعات والتكهنات.
وذكر أحد التجار في مدينة إدلب، لموقع حلب اليوم أن معظم التجار والمستوردين أحجموا عن شراء البضائع بالكميات المعتادة، حيث يقومون بترشيد الكميات تحسبا لاندلاع أي طارئ، ويقول البعض إن ذلك يحدث بناء على توجيهات من شخصيات تابعة لهيئة تحرير الشام.
وكانت روسيا قد اتهمت فصائل المعارضة منذ عدة أيام بتلقي تدريبات ودعم من أوكرانيا، كما حذرت من وقوع هجوم كيماوي جديد في شمال غرب سوريا، مما أثار المخاوف من وجود نوايا لضرب المدنيين بتلك الأسلحة المحرمة دوليا.
ويأتي هذا التوتر مع قرب انطلاق جولة جديدة من المحادثات في أستانا، حيث اعتاد سكان المنطقة على التصعيد من قبل روسيا وقوات الأسد والميليشيات الإيرانية، مع انعقاد كل جولة جديدة.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي فيرشينين”، يوم الخميس الفائت، إن موسكو تحضر لعقد الاجتماع الـ22 ضمن مسار أستانا حول سوريا، والذي سيقام في العاصمة الكازاخية “نور سلطان”، مضيفا أنها ترى فيه دورًا “مهمًا وإيجابيًا للغاية” فيما يخص الشأن السوري، وذلك دون تحديد موعد الجولة المقبلة.
من جانبه حذر المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين”، ديمتري بيسكوف من “توسع رقعة الأعمال القتالية وتدمير البنية التحتية المدنية” في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو “لا تود حتى التفكير توسيع جغرافي إضافي للعمليات العسكرية”.
وأرسلت قوات الأسد العديد من الأرتال خلال الأيام الثلاثة الماضية، وعززت جبهاتها شرقي إدلب وبالقرب من الفوج 46 غربي حلب، والذي يعتبر خط الدفاع الرئيسي باتجاه السيطرة على المدينة.
إلى ذلك فقد أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية كبيرة لمواقعها المحيطة بإدلب في شمال غربي البلاد، وتم توزيع تلك القوات على مختلف النقاط.
كما حذّر وزير الدفاع، يشار غولر، بالتزامن مع إرسال القوات من “الصراعات الخارجية، لا سيما في المنطقة القريبة من تركيا”، مضيفا أن “تهديد الإرهاب والصراعات الجيوسياسية، تحتم على الجيش التركي زيادة جاهزيته القتالية”.
ويبقى الوضع في سوريا مرشحا لمزيد من التطورات التي قد تكون جذرية ومفصلية، بما في ذلك العمل على إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا أو إبعادها عن الجنوب.