مرّ عام كامل على انطلاق هجوم 7 أكتوبر الذي شنّه مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” من قطاع غزة المحاصر باتجاه المستوطنات في غلافه، وسط تطورات كبيرة، فيما تعيش المنطقة برمتها اليوم على صفيح ساخن.
وتستمر مفاعيل وارتدادات ذلك الهجوم المباغت الذي أغضب الإسرائيليين، وأوقع نحو 1189 قتيلا، وفقا لما أقرت به تل أبيب التي قالت إن بينهم “815 مدنيا”، فيما جرح 7500 آخرون.
واستطاع المقاتلون خطف 251 شخصا واحتجازهم كرهائن، حيث لا يزال معظمهم موقوفين في القطاع، بالرغم من الهجوم الكبير والعنيف الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني، فضلا عن نحو 100 ألف جريح.
ويرى المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، في إفادته لموقع حلب اليوم، أن المنطقة اليوم باتت تتغير من سيء إلى أسوأ، حيث تعمل الولايات المتحدة عبر إسرائيل على تحقيق مشروع كبير يعتمد التفتيت كإستراتيجية.
ورغم نأي إيران بنفسها عن قطاع غزة والهجوم الذي تعرضت له في أعقاب عملية 7 أكتوبر، إلا أن الارتدادات الكبيرة في المنطقة طالتها بشكل مباشر بعد عام كامل من وقوع الهجوم.
تأتي الذكرى السنوية الأولى للموقعة، مع تراجع كبير لنفوذ حزب الله ينذر بتدميره على نحو كامل، فيما تتعرض المواقع المشتركة لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية لضربات عنيفة في العمق السوري، وعلى الحدود مع لبنان وسط استعداد إسرائيلي لاجتياح جنوب لبنان برا، وهو الأمر الذي ربما يطال – وفقا لمراقبين – الأراضي السورية.
وفيما تستعد إسرائيل لهجوم كبير ايضا ضد إيران، كرد على ضربات شنّتها الأخيرة وقصفها للأراضي المحتلة بنحو 200 صاروخ بالستي، يتحدث محللون عن تغيرات كبرى قد تحدث بالمنطقة خلال الفترة المقبلة.
وبدا الهجوم الذي شنه مقاتلو حماس ككرة الثلج المتدحرجة، فهو لم يكن فقط غير مسبوق من حيث حجمه، إنما تتابعت تأثيراته بشكل كبير لتطال لبنان وسوريا واليمن وإيران وربما العراق.
وبعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وصالح العاروري، وتدمير أكثر من 85٪ من مساكن غزة جزئيًا وكليًا، وسقوط 140 ألف شخص مابين قتيل وجريح.؛ تبقى هذه الأرقام مرشحة للزيادة.
ويرى أيوب أن ما يحدث في المنطقة اليوم من هجمات إسرائيلية واسعة هو تنفيذ لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تشرف عليه الولايات المتحدة الأمريكية، و”هذا المشروع منشور على وسائل الإعلام منذ عام 1981، وهو خطة ‘تقسيم التركة العثمانية’،”، من أجل أن تكون إسرائيل هي “الدولة العظمى من الفرات إلى النيل”.
ويتحقق ذلك عبر “تحويل الدول كلها لدويلات صغيرة مفككة، فالدول التي فيها إثنيات عرقية وطائفية ستكون فيها حروب بين تلك الإثنيات، والتي ليس فيها ذلك سيُحَرَّض الاقتتال العشائري ضمنها”، وفقا للعقيد.
ومع تتابع الضربات على الميليشيات الإيرانية وتحديدا حزب الله، يعرب السوريون عن فرحهم بسبب ما ارتكبه هؤلاء من مجازر بحقهم، حيث يتمنون زوال تلك الميليشيات عن أرضهم بشكل كامل.
لكن هناك وجها آخر للأحداث الجارية يلفت إليه العقيد أيوب، وهو السعي الأمريكي لاستغلال الظروف القائمة، من أجل تحقيق “المشروع الذي نسأل الله تعالى أن يفشل”.
ويمضي أيوب بالقول: “مع الأسف فإن المخاض سيئ جدا بعد هذه الحروب التي تخترعها وتصنعها الولايات المتحدة الأمريكية والماسونية العالمية، من حلم إسرائيل الكبرى.. بتنا في السنة الرابعة عشرة من عمر الثورة والأمور مع الأسف من سيئ إلى أسوأ.. نأمل من الله ألا يكون مصير الدول الأخرى كمصير تلك الدول التي اندلعت فيها هذه الحروب”.
ويتضمن المشروع “تقسيم مصر لأربع دويلات والسودان لأربعة والسعودية لأربعة.. لذلك فإن من يستشرف المستقبل يراه قاتما للأسف الشديد، وذلك في ظل هذا التهافت على إسرائيل والمشاريع الأمريكية بالمنطقة”؛ يضيف العقيد أيوب الذي يلفت إلى أن الشعب الفلسطيني “يُطحن منذ 7 أكتوبر حتى اليوم، وما من دولة عربية وقفت معه بشكل جدي أو حتى قطعت علاقاتها مع إسرائيل”.
صحيح أن الأخيرة “انكشفت وتبين للعالم أنها دولة همجية وأن الحكومات الأمريكية المتعاقبة تطرح حل الدولتين وتمنعه بنفس الوقت”، وأن “الاقتصاد الإسرائيلي تأثر”، لكن هذا – يضيف العقيد – “لا يمنع الماسونية من دعمها بالسلاح والمال بشكل غير محدود حيث تُضَخّ عشرات المليارات من أجل تحقيق حلم إسرائيل الكبرى”.
وكانت كتائب القسام قد قصف اليوم تل أبيب برشقة صاروخية “ضمن معركة الاستنزاف المستمرة وردًا على المجازر بحق المدنيين والتهجير المتعمد لأبناء الشعب الفلسطيني”، بالتزامن مع ذكرى هجوم 7 أكتوبر، الذي أكدت حماس أنه “محطة تاريخية في مشروعنا النضالي؛ شكل استجابة طبيعية لما يحاكُ من مخططات صهيونية تستهدف تصفية قضيتنا الوطنية”.