مع دخول فصل الخريف الجديد لعام 2024 الحالي، تتواصل مآسي نحو 1.8 مليون نازح في الشمال الغربي، ممن يقطنون الخيام، وسط ارتفاع مطرد لأسعار كافة المواد الغذائية، فيما يشكل ارتفاع أسعار مواد التدفئة هاجسا موسميا لا يزال دون حل.
ويوجد في شمال غربي سوريا نحو 2.7 مليون نازح من شتى أنحاء البلاد، يقطن ما يقرب من المليون منهم في بيوت مستأجرة، فيما يعيش الباقون ضمن أكثر من 1600 مخيم، منها أكثر من 500 عشوائية بلا تنظيم، وفقا لفريق “منسقو استجابة سوريا”.
ومن بين المليون الأخير، توجد نسبة غير معروفة من النازحين ممن يقطنون في مساكن غير ملائمة، مثل البيوت المتهالكة غير المؤهلة للسكن، أو البيوت غير المكسية (على العضم) بدون أبواب وشبابيك، ومنهم من يقطن في مداجن وغير ذلك.
وسط تلك الظروف، يُضطر العديد من هؤلاء للبحث عن أي شيء للتدفئة، بغض النظر عن المحاذير الصحية، ونداءات المنظمات والهيئات الطبية للابتعاد عن البلاستيك، لما يولده من أبخرة سامة ومسرطنة.
ولا يقتصر ذلك الوضع على النازحين، حيث يقول الحاج “وليد .ن” من معرتمصرين شمال إدلب، لحلب اليوم، إنه يجمع كل ما يُمكن إشعاله طول السنة، نظرا لارتفاع أسعار مواد التدفئة.
ولا يبدو أن سعر 190 دولاراً أمريكياً للطن الواحد من قشر الفستق على سبيل المثال مرتفعا، ولكن ذلك يعد غاليا بالنسبة للكثيرين، حيث تجاوز حد الفقر للعائلة الواحدة نحو 7300 ليرة تركية، فيما تبلغ نسبة العائلات التي تقع تحت هذا الحد في الشمال السوري نحو 91%، وفقا لآخر تقديرات فريق منسقو استجابة سوريا.
وتؤكد إحصاءات الفريق أن دخل نحو 83 % من السكان لا يتجاوز 50 دولاراً أمريكياً في الشهر، بل إن أكثر من 94 % من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة في الشتاء.
وتوجد العديد من الأنواع البديلة عن المازوت للتدفئة في الشمال الغربي، من قشور الفستق (إيراني – تركي – محلي)، إلى قشور البندق والمشمش وهو في الغالب تركي، فضلا عن كبسولات البيرين، وكبسولان الكرتون والخشب المضغوط.
ويشير مراسلنا إلى أن قائمة الأسعار متفاوتة، لكثرة الأنواع، كما أن السوق لا تزال غير مستقرة، إلا أن قيمتها الوسطية تقترب من 200 دولار للطن الواحد، والوضع هو ذاته بالنسبة للحطب والبيرين، مع توقعات بارتفاعها خلال التشرينين المقبلين.
ومع ارتفاع أسعار الديزل لأكثر من دولار للتر الواحد، يبدو خيار مدافئ المازوت التي اعتادها السوريون غير ممكن، لذا فإن بعض البدائل الرديئة من الديزل تنتشر في الأسواق منذ سنوات، لكنها تبعث بروائح كريهة وأبخرة ربما تكون سامة أو مسرطنة، فضلا عن مشكلة تجمدها مع انخفاض الحرارة.
ويؤكد الحاج وليد أنه وأمام كل تلك المعطيات، يلجأ لجمع البلاستيك والكرتون، متجاهلا أضراره الصحية، ليضيفه إلى نصف طن فقط من الحطب يستعملهما في أيام البرد القارس، حيث إنه سيحتاج لنحو 300 دولار فيما لو أراد التدفئة باستعمال القشور.
أما أبو حسن من نازحي ريف إدلب الشرقي، فيقول إنه اعتاد منذ سنوات العيش مع زوجته بلا تدفئة، فيما يتدبر أولادهما شؤونهم عبر جمع البلاستيك.
يقول الرجل المسن، إنه منذ سكن في خيمة على أطراف مدينة إدلب الغربية، لم يستعمل المدفأة إلا في موجات الصقيع، حيث يتدثر أغطية سميكة بجوار مدفأة قديمة يرمي فيها بما تيسر لديه من المواد القابلة للحرق.
وتعج أجواء الشمال الغربي بأدخنة خانقة في كل شتاء، خصوصا ضمن المدن والتجمعات السكنية الكثيفة كالمخيمات، مما يشكل بيئة سامة بالغة الضرر.
يذكر أن شركة واحدة محسوبة على هيئة تحرير الشام، تسيطر سيطرة كاملة على سوق المحروقات في إدلب وريف حلب وحماة الغربيين، وتسجل مشتقات النفط أسعارا أعلى بقليل من نظيراتها في ريف حلب الشمالي والشرقي.