أكدت قناة الجزيرة أنها لم تتهم رابطة الصحفيين السوريين في فرنسا بالتواطؤ مع “مدرسة الصحافة العليا في باريس” لخداع نحو 200 من الصحفيين السوريين والعرب، وذلك بعد حالة من الجدل سادت الأوساط الإعلامية عقب تحقيق صحفي نشره موقع القناة على الإنترنت.
وقال موقع “الجزيرة نت” إنه أرسل رسالة للرابطة عبر البريد الإلكتروني وضّح فيها أنه لم يضعها موضع الاتهام، كما أنه وجه إليها بعض الاستفسارات.
من جانبها أكدت الرابطة أن الطلاب العرب والسوريين الذين سجلوا في المدرسة دون علمهم بعدم الاعتراف بشهادتها كانوا ضحايا لعملية تضليل، بمن فيهم السوريون الذين سجلوا في المدرسة عن طريق الرابطة، مؤكدة أنها لم تكن على علم بذلك.
أثار عدد من الإعلاميين السوريين ضجة واسعة في الأوساط الإعلامية، بشأن المدرسة العليا للصحافة في باريس (ESJ)، والتي تخرّج منها عشرات السوريين بالإضافة للعرب؛ بسبب الانتقادات حول مدى أكاديميتها وحصول شهادتها على الاعتراف محليا ودوليا.
إقرأ: خاص | المدرسة العليا للصحافة في باريس.. هل احتالت على السوريين؟
وقالت المدرسة، في بيان إنها تنفي الاتهامات جملة وتفصيلا، مبدية استغرابها من تحقيق نشرته قناة الجزيرة منذ نحو أسبوعين، قالت فيه إن المدرسة “باعت الوهم لعشرات الصحفيين السوريين”، فضلا عن العرب.
وكان عدد من الخريجين قد أكدوا أنهم فوجئوا برفض الجامعات طلبهم للتسجيل لديها لدراسة الدكتوراه، حيث تم الرد عليهم بأن المدرسة (ESJ) لا تؤهلهم لذلك.
وتلقت رابطة الصحفيين السوريين انتقادات واسعة، لأنها وقعت اتفاقا مع المدرسة يتضمن حسومات مالية خاصة لمن يقوم بالتسجيل عن طريقها.
وذكر موقع “الجزيرة نت”، في تعقيب على الموضوع، اليوم الخميس أن “معد تقرير ‘شراء الوهم.. صحفيون عرب ضحايا تضليل مدرسة باريس’ لم يوجه تهماً لرابطة الصحفيين السوريين، بل أدرج في التقرير ما يؤكد براءتكم من التهمة”، حيث ذكر أن “دورها اقتصر على متابعة شؤون الطلبة الأعضاء المسجلين والتنسيق بينهم وبين إدارة المدرسة وقسمها المالي لإنجاز هذه الاتفاقية”.
من جانبها قالت الرابطة إن “الاتفاق مع مدرسة الصحافة في باريس كان بهدف خدمة أعضائنا ونقف معهم بحال رغبتهم بمقاضاة المدرسة”.
وأضافت بالقول في ردها على التحقيق: “نعلمكم أن الرابطة لم تلعب أي دور في عمليات التسجيل لغير أعضائها، بل تقدم الأعضاء داخلياً وفق منحة جزئية ووفق حسم رسوم متفق عليه، وكانت علاقة المسجلين مباشرة مع المدرسة وسجلوا بناء على رغبتهم بعد اجتماعهم مع إدارة المدرسة”.
وأوضح موقع الجزيرة أن الرابطة طلبت نشر ملاحظاتها على التقرير، وهو ما تمت الاستجابة له، كما دعا الرابطة إلى الرد بمقالة “واحترام حقها في طرح روايتكم من خلال مقالة رأي، لأن ما يرد فيها هو رأيكم وليس تقريرا يتبناه موقعنا، ويمكن أن نشير في نهاية تحقيقنا المنشور إلى مقالتكم ونضع رابطا موصلا إليها، ونترك للقارئ التقييم النهائي”.
لكن الرابطة اعتبرت أن رد موقع الجزيرة بنشر مادة رأي، كرد من قبلها على التحقيق الاستقصائي موضع النقاش، “لا يمكنه الإيفاء بالغرض المطلوب حيث أن القانون وأصول المهنة يكفلا حق الرد على أي مادة صحفية بنفس المكان، والحجم، والفترة الزمنية، وفي نفس التبويب التي نُشرت فيها المادة الأصلية على الموقع الإلكتروني”.
ودعت الرابطة الموقع إلى “إعطاءها هذا الحق بنشر ردها الرسمي الذي أرسل للموقع مع كامل الوثائق الملحقة في نفس المكان الذي نشرتم فيه التحقيق، مع الحفاظ على نفس الفترة الزمنية والتبويب، وذلك لضمان تحقيق العدالة والإنصاف وإتاحة الفرصة لعرض وجهة نظرنا وتصحيح المعلومات المغلوطة”.
كما بينت أن الاتفاقية التي وقعها الرئيس السابق للرابطة سمير مطر بحضور أمين السر صخر إدريس مع مدير المدرسة جيلوم جوبان بتاريخ 15 حزيران 2021 “كانت واضحة وتنحصر بالتدريب والتعليم وبناء قدرات الصحفيين في المجال الإعلامي من خلال المنهاج التعليمي في المدرسة العليا للصحافة من أجل الاندماج المهني، في حين تسلم المكتب التنفيذي الحالي للرابطة مهامه بتاريخ 07/07/2023 أي بعد انتهاء الاتفاقية المذكورة بعام كامل وشهر”.
وأشارت الرابطة إلى أنها “تعرضت وأعضاؤها إلى عملية تضليل واضحة من إدارة المدرسة ممثلة بمديرة القسم العربي فيها “نهى رشماوي” أثناء جلسة جمعتها مع الأعضاء الراغبين بالتسجيل في المدرسة والإجابة عن استفساراتهم (وهو ما يظهر بالتسجيل الموجود على صفحة أعضاء الرابطة)، وادعت رشماوي فيه أنه بالإمكان تسجيل الطلاب في الماجستير بعد دراسة البكالوريس في المدرسة، ما ترك الأعضاء بين مقتنع بأن تعليم المدرسة مهني وبين أن الشهادة الممنوحة هي شهادة أكاديمية”.
وأضافت الرابطة أن إدعاء “رشماوي” والجدل الحاصل أدى إلى التزام إدارة الرابطة آنذاك بعدم التدخل بقرار الأعضاء بالتسجيل بالمدرسة وهو ما يدل على شفافية الرابطة ومصداقيتها وعدم تبنيها لأي غرض للترويج للمدرسة أو لغيرها واقتصر دورها على متابعة شؤون الأعضاء المسجلين والتنسيق بينهم وبين إدارة المدرسة وقسمها المالي لإنجاز هذه الاتفاقية، فضلاً عن انتهاء الاتفاقية مع المدرسة منذ نحو عامين ولم تُجدد مع نية الرابطة إطلاق مركز خاص بها للتدريب، وجرى إبلاغ الأعضاء بانتهاء الاتفاقية بعد إبداء بعضهم الرغبة بالتسجيل مجددا بالمدرسة، وهو ما خالفه تقرير الجزيرة الذي اتهم الرابطة والعاملين فيها بالتضليل عندما ذكر: “بعد عملية تتبع معقدة، توصلنا إلى معلومات تفيد بأن معظم المتورطين في عملية الترويج يقيمون في فرنسا، وينحدرون من دول عربية مختلفة، بينهم سوريون، تمكنّا من تحديد هوياتهم وكشف أنشطتهم”.
وهنا تسأل “لماذا ذكرت كلمة سوريين دون ذكر باقي الجنسيات كأساس صريح للتمييز واقحام الرابطة بالعملية والتدليس على وجود فساد فيها رغم عدم دخول أي مبلغ مالي لحساباتها بهذا الإطار وهو ما تفرضه عمليات التدقيق المالي فيها”.
كما تنوه الرابطة إلى أن “لا علاقة لها بمركز باريس للثقافات المتعددة (ورد ذكره في التحقيق) في حين أنه ليس من الممنوع لأي عضو أو إداري فيها أن يكون له نشاط آخر”.
و أكد المكتب التنفيذي الحالي في الرابطة أنه يقف مع أعضائها في محنتهم ويجدد وقوفه إلى جانبهم بحال رغبتهم بالتوجه لمقاضاة المدرسة العليا للصحافة في باريس بحال ثبت عدم أهلية شهاداتها وبيعها الوهم للدارسين بحسب تقرير الجزيرة والدلائل التي قدمها حيث تتحمل هي وحدها المساءلة أمام القضاء، في حين أن المكتب التنفيذي السابق كان معنياً بالتقصير بالبحث مسبقاً باعتبارنا مؤسسة يفترض حرصها على أعضائها بمعنى المساءلة الأخلاقية، ولم تكن شريكاً مالياً للمدرسة أو تقحم نفسها بأي فساد لكن ضعف الإمكانيات آنذاك حال دون ذلك بحسب رئيس المكتب السابق سمير مطر”.
وكان العديد من الشبان العرب واللاجئين والسوريين، ممن التحقوا بالقسم العربي من المدرسة، قد أعربوا عن صدمتهم بعد الدراسة فيها لمدة عامين، حيث تم دفع رسوم تتراوح بين 2000 و 4000 يورو للتسجيل فضلا عن المجهود والتكاليف التي بذلوها، قبل أن يُفاجأوا “بعدم الاعتراف بالشهادة”، وفقا للتحقيق.