بعد الحديث الكثير عن التطبيع بين تركيا وسلطة الأسد، وخلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي دعيت إليه تركيا بعد غياب 13 عاماً، غادر وزير خارجية سلطة الأسد قاعة فيصل المقداد، قاعة الاجتماع مع بداية كلمة وزير الخارجية التركي حقان فيدان.
تركيا تجاهلت التعليق على تصرف المقداد، ولم يصدر أي تعليق رسمي من أنقرة حتى الآن، كما لم تتطرق وسائل الإعلام الرسمية والمقربة من الحكومة إلى الواقعة، التي أعطت إشارة سلبية جديدة من جانب سلطة الأسد تجاه الجهود التي تبذلها روسيا لتطبيع العلاقات بين الأسد وتركيا، كما وسائل الإعلام غير الموالية للحكومة التركية لم تعلق على الموضوع ونقلته عن وسائل إعلام أجنبية.
صحيفة الشرق الأوسط نقلت عن وزير الخارجية الأسبق (علي باباجان) تعليقه على الحادثة وحاجة إعادة العلاقات لمزيد من الوقت وتهيئة الأرضية السياسية المناسبة لذلك.
وقال باباجان “سوريا الآن دولة مجزّأة، وهناك قوى كثيرة على الأرض، فالولايات المتحدة لها وجود وسيطرة في شمال شرقي سوريا، وروسيا تشكّل القوة التي دعمت الرئيس السوري بشار الأسد، وجعلته قادراً على الصمود حتى الآن، وهناك إيران أيضاً، وكذلك يمكن أن يلعب العراق دوراً، ولا بد لتركيا من التواصل مع جميع هذه الأطراف، من أجل تهيئة المناخ الملائم لعودة العلاقات مع دمشق، وهو أمر سيستغرق وقتاً”.
أمين عام الحركة الوطنية السورية د. زكريا ملاحفجي قال لموقع حلب اليوم “هذا التصرف هو رسالة واضحة، تشير إلى أن الأمور لا تسير بشكل جيد بما يخص تطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد”.
وأضاف الدكتور ملاحفجي “العلاقات بين تركيا ونظام الأسد ليست مجرد انفتاح وعلاقات متبادلة فقط، الأمور أصعب من ذلك بكثير، لو نلاحظ أن الأمور لم تتقدم خطوة واحدة منذ عام 2022، حين طرح موضوع إعادة العلاقات أول مرة، وهذا يدل على صعوبة وبطء ويحمل تداخلات كبيرة، بسبب التداخل السياسي والعسكري والاقتصادي… الخ”.
المحلل السياسي الدكتور مهند حافظ أوغلو قال لموقع حلب اليوم “كما كان متوقعاً أن يحاول النظام السوري أن يقوم بتسجيل موقف على الحضور التركي، سيما أن هذا الحضور كان بعد 13 عاماً، هذا يعني بأن دمشق منزعجة من هذه التفاهمات وهذا الانفتاح التركي العربي، لأن ذلك يعود بالضرر على النظام السوري بشكل مباشر”.
وأضاف حافظ أوغلو “أي تفاهمات تركية عربية تصب بطبيعة الحال نحو التغيّرات السياسية بما يتوافق مع مقررات الأمم المتحدة، وهي الوصول إلى انتقال للسلطة بشكل سلمي، وهذا ما جعل وفد النظام ينسحب من الاجتماع مع بداية حديث وزير الخارجية التركي”.
وعن تأثير هذا الفعل على استمرار محاولات التواصل والتطبيع بين تركيا وسلطة الأسد قال الدكتور ملاحفجي “الحوار بدأ ولا يزال مع روسيا التي تعتبر وسيطاً لتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، وأيضاً هناك حسابات تركية تخضع لتحكيم حقيقي للأخطار المترتبة على الاستمرار بالمحاولة للسير نحو النظام، وهذه الرسائل التي تكون على شكل أفعال أو أقوال تزيد من صعوبة المهمة الروسية، وأيضاً تخفف من الطموح التركي في الوصول لنقطة تفاهم بسبب تعنت الأسد”.
من جانبه قال الدكتور مهند حافظ أوغلو “ما فعله المقداد هو رسالة لأنقرة، تشير إلى أن اللقاء بين أردوغان وبشار الأسد، يحتاج إلى فترة من الزمن، وهناك مشوار طويل من الوساطة والرسائل ومواجهة المعوقات للعودة إلى الأول”.
وأضاف حافظ أوغلو “رغم الضغوطات الروسية إلا أن المؤشرات تقول إن إيران هي صاحبة القول الفصل بما يخص استعادة النظام السوري علاقاته في المنطقة، وهي المؤثر الحقيقي بقرارات بشار الأسد بما يخص عودة العلاقات بين تركيا والنظام”.
وكان مسؤولون أتراك على رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلنوا نية أنقرة فتح طرق لاستعادة العلاقات مع سلطة الأسد، خاصة مع نية الحكومة التركية تحفيض حدة المشكلات التي تعاني منها الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق، إلا أن سلطة الأسد ما زالت ترفض الحوار والجلوس مع الجهات التركية رغم الوساطة الروسية بين الطرفين.