لا تزال سلطة الأسد تنتج السلاح الكيماوي بنشاط، وإن كان بوتيرة أقل مما كان في السابق، طبقا للجهات المعنية بمتابعة الملف، وهو ما يثير قلق المتابعين، وسط غياب أية إجراءات رادعة أو حتى ضاغطة باتجاه تفكيك البرنامج بشكل نهائي.
وفي اجتماع خاص بالقضية في مجلس الأمن الدولي، قال نائب الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، أديديجي إيبو، في كلمته يوم الخميس الفائت، إن المعلومات الأخيرة القادمة من سوريا تشكل “تطورًا مقلقًا للغاية”.
وفيما لا تزال سلطة الأسد تمارس نفس الأساليب المبنية على المماطلة والمراوغة، تبقى الجهود الأممية تراوح في مكانها، وتبقى قوات الأسد قادرة على استخدام سلاح التدمير الشامل ذاك في أي وقت.
وفي إجابته على سؤال حول ما إذا كانت سلطة الأسد تنتج السلاح الكيماوي بنفس الوتيرة، أكد نضال شيخاني، مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، لموقع حلب اليوم، أنه تمت إعاقة برنامج الإنتاج نتيجة الضغوط الدولية ولكن لم يتم إنهاؤه.
وقال إن السلطة تعمل على إنتاج الأسلحة الكيميائية و استيراد المواد الأولية بأساليب ملتوية، “لكن بوتيرة و جودة أقل”.
كما نفى شيخاني أن تكون الدول الكبرى قد تغاضت عن برنامج الأسد الكيماوي، مؤكدا أن الضغوط زادت من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية و الدول الحاكمة في مجلس الأمن كالولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و بريطانيا.
وأشار إلى عمل مكتب السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي على إصدار قوائم عقوبات متكررة على كيانات و أشخاص يعملون على دعم برنامج السلاح الكيماوي في سوريا.
وفي كلمته أمام مجلس الأمن قال إيبو إن المعلومات التي قدمتها سلطة الأسد مؤخرا، إلى الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم تكن كافية، مضيفا أن تقريرها حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا “لا يمكن اعتباره دقيقًا وكاملًا وفقًا لاتفاقية الأسلحة الكيماوية”.
كما أكد أن المنظمة طلبت توضيحات بشأن نتائج تحليل العينات التي جمعها الفريق بين أيلول 2020 ونيسان 2023 في موقعين معلنين رسميًا عن الأسلحة الكيماوية في سوريا، تظهر وجود أنشطة مقلقة محتملة، لم تعلن عنها سلطة الأسد.
ويتعلق الأمر بالعديد من عوامل الحرب الكيماوية، حيث تحدث إيبو عن “دورة إنتاج كاملة” لتلك المواد، تبدأ من البحث والتطوير وتنتهي بالإنتاج والاختبار والتخزين.
وكعادة سلطة الأسد، اتهم مندوبها في مجلس الأمن قصي الضحاك منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ومديرها بالترويج لما أسماها “الادعاءات والاتهامات الكاذبة التي توجهها الدول الغربية المعادية لسوريا”، دون تقديم أي ردود منطقية على تساؤلات المنظمة.
هل تعود سلطة الأسد لاستخدام السلاح “المحظور”؟
مع بقاء مخزون وسلاسل الإنتاج لدى سلطة الأسد، يحذّر معارضون سوريون من إمكانية عودته لاستخدام تلك المواد، خصوصا مع إفلاته من العقاب بسبب محاولاته السابقة، فيما تؤكد التقديرات الغربية أن آلاف الذخائر ومئات الأطنان من المواد الكيماوية لا تزال موجودة.
وأكد شيخاني لحلب اليوم، أن مركز توثيق انتهاكات الأسلحة الكيميائية – مقره في بروكسل – يعتقد أن خطر ضرب قوات الأسد للمدنيين بالكيماوي لا يزال قائما.
ومضى بالقول: “لا نستبعد استخدام سلطة الأسد للأسلحة الكيميائية في حال واجهت انتفاضة شعبية جديدة في المناطق المشتعلة”.
وأشار إلى أن “الصواريخ المصنعة في معامل الدفاع بالتعاون مع مركز الدراسات و البحوث العلمية هي مصنعة أساساً لتحمل رؤوسا كيميائية و خاصة صواريخ سكود و بركان إيرانية الصنع”.
وكانت سلطة الأسد قد قدمت بعض المعلومات الإضافية التي طلبتها الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، لكن الأمانة أكدت أن هذه المعلومات غير كافية.
وبحسب إيبو فإن هناك 19 قضية من أصل 26 بخصوص الملف الكيماوي لا تزال دون حل، بسبب عدم تقديم سلطة الأسد الردود المناسبة على الأسئلة الموجهة، وكانت المنظمة قد افتتحت التحقيق في قضيتين جديدتين في تموز الفائت.