حلب اليوم – خاص
شهدت مدينة الحسكة منذ بداية العام الحالي ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الإصابات والوفيات الناتجة عن انفجار “بابور الكاز”، حيث تم تسجيل أكثر من 20 حالة وفاة وإصابة. يأتي ذلك في ظل غلاء أسعار أسطوانات الغاز واضطرار العديد من العائلات للعودة إلى استخدام هذا النوع من المواقد البدائية، مما يسلط الضوء على الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها سكان المنطقة.
تقول مراسلة حلب اليوم في الحسكة، إن تفاقم الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة في شمال شرق سوريا، أجبر الكثير من السكان على العودة إلى استخدام “بابور الكاز”، رغم مخاطره الجسيمة، إذ يعتبر هذا الموقد جزءًا من التراث الشعبي السوري، حيث كان يُستخدم على نطاق واسع في الأرياف خاصة، لكنه اليوم تحول إلى خيار اضطراري للعديد من الأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف أسطوانات الغاز.
وسيم العمري، أحد سكان الحسكة، أكد لقناة حلب اليوم أن غلاء أسعار الغاز وفقدانه من الأسواق المحلية دفعه هو وعائلته إلى اللجوء إلى “بابور الكاز”، على الرغم من علمه بمخاطره.
وأضاف العمري أن غلاء أسطوانة الغاز في المنطقة وندرتها دفعهم إلى هذا الحل البديل، ورغم ذلك فإنه ينتظر لساعات طويلة أمام محطات الوقود للحصول على كمية قليلة من الكاز.
وأشار وسيم إلى أن انتظار الحصول على الغاز المنزلي عبر المجالس المحلية (الكومين) قد يتجاوز الشهرين، مما يدفع الكثير من الأشخاص إلى شراء الغاز من السوق السوداء بأسعار باهظة تصل إلى أكثر من 150 ألف ليرة سورية، وهو ما يكفي بالكاد لمدة 15 يومًا.
هذه المواقد البدائية، بحسب مراسلتنا، تعتمد على وقود الكاز الذي يتميز بقابليته العالية للاشتعال. ومع غياب الصيانة والإشراف على الاستخدام الآمن، تتزايد احتمالية وقوع حوادث خطيرة تؤدي إلى إصابات جسيمة أو وفيات، خاصة في المنازل التي تستخدم هذه المواقد في أماكن سيئة التهوية.
مخاطر استخدام بابور الكاز
من جانبه، أوضح الطبيب هجار محمد من مدينة القامشلي، لحلب اليوم، أن استخدام “بابور الكاز” يحمل مخاطر صحية جسيمة، خصوصًا على الجهاز التنفسي.
فحرق الكاز في هذه المواقد يُنتج غازات سامة مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى جسيمات دقيقة قد تكون ضارة عند استنشاقها، مشيرًا إلى أن هذه المواد قد تؤدي إلى التسمم، والتهابات رئوية، وتفاقم أمراض مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن، وقد تزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة.
وبحسب مراسلتنا، فإن مديرية المحروقات في مقاطعة الجزيرة قامت مؤخرًا بتخفيض سعر أسطوانة الغاز إلى سبعة دولارات، إلا أن هذا التخفيض لم يكن كافيًا لتخفيف العبء عن سكان المنطقة، حيث يبقى السعر الحالي غير متناسب مع القدرة الشرائية للسكان.
وعلى إثر ما سبق، وفي ظل الظروف الاقتصادية القاسية، يبقى “بابور الكاز” رمزًا للمآسي التي تعيشها الأسر السورية في شمال شرق البلاد، حيث تضطر لاستخدام وسائل بدائية محفوفة بالمخاطر للحفاظ على حياتها اليومية، في غياب الدعم اللازم لتوفير بدائل آمنة، بحسب مراسلتنا.