تنتشر ظاهرة التشرد – وربما التسوّل – في أوساط طالبي اللجوء في بلجيكا بسبب عدم توفر السكن، وفرض بعض القيود القانونية، وذلك رغم كون البلاد من الوجهات المفضلة للمهاجرين نحو الأراضي الأوروبية.
وفضلا عن المهاجرين، يعاني الكثير من الأجانب على أراضي بلجيكا عدم منحهم الإقامة القانونية أو التأخير فيها، مما يحول دون حصولهم على السكن المطلوب.
وتمثل قلة البيوت المعدة للسكن المؤقت “الكامب”، مشكلة حقيقية أمام المهاجرين، إلا أن الحكومة تقول إنها تعمل على تأمينها بقدر الاستطاعة، وإن السبب يكمن في عدد الطلبات الكبير.
وقال خالد سميسم، وهو صحفي سوري مقيم في بلجيكا ومهتم بشؤون اللاجئين، لحلب اليوم، إن الكثير من الدول الأوروبية تعاني مشكلة تأمين أماكن سكن للاجئين المتقدمين على أراضيها وفي مقدمتها بلجيكا.
وأوضح أن الحكومة هناك تعطي السكن المؤقت (الكامب) للنساء والأطفال والعائلات فقط فيما يبقى طالبو اللجوء من الشباب عرضة للتشرد، ما لم يستطيعوا تأمين مسكن لهم، في حال كانت قدرتهم المالية تساعدهم.
وفيما يتعلق بموضوع إعطاء الإقامة للواصلين إلى الأراضي البلجيكية، فإن القرارات تنص على عدم إرجاع أي طالب لجوء من أي جنسية مهما كانت الأسباب.
ولفت سميسم إلى أن العديد من طالبي اللجوء من الممكن أن تكون لديهم أوراق رسمية من دولة أوربية أخرى وينتظرون البت بوضعهم في بلجيكا، دون أن يحصلوا على أي سكن خلال فترة دراسة ملف اللجوء.
وجهة مفضلة رغم الصعوبات
يؤكد الشاب أحمد عيسى لحلب اليوم، أنه اختار بلجيكا لسهولة إجراءات لم الشمل فيها، وهو أمر هام جدا بالنسبة له، وقد لا يكون متاحا بنفس الدرجة في بقية الدول الأوروبية، لذا فإنه لا يهتم كثيرا بقضية السكن طالما أن المشكلة مؤقتة.
وأضاف أنه كان من بين الشبان القلائل الذين حصلوا على السكن في “الكامب”، بعد نحو شهرين من وصوله إلى هناك، نهاية عام 2022، فيما يبدو له أن المشكلة أخذت منحى تصاعديا مع استمرار تدفق المهاجرين، خصوصا بعد غزو أوكرانيا.
ولا يُعرف بالضبط عدد السوريين في تلك البلاد، إلا أن المعارضة والأحزاب اليمينية الرافضة لوجودهم تتحدث عن عشرات الآلاف، وتطالب الحكومة بتغيير سياساتها في ملف المهاجرين.
ويقول سميسم إنه ليست هناك أي أرقام رسمية لعدد اللاجئين المسجلين في المفوضية في بلجيكا، بمن فيهم السوريون.
وليست مشكلة السكن هي الوحيدة أمام الشاب المهاجر إلى هناك، حيث يلفت إلى أن طالب اللجوء (من فئة الذكور) يعيش حالة إنسانية صعبة في ظل عدم وجود دعم مادي يؤمن حياته خلال فترة دراسة طلب اللجوء.
وأمام هذا الوضع، يؤكد الشاب أحمد، أن ظاهرة التشرد يرافقها التسوّل أحيانا، وهو أمر تجده في أوساط كافة الجنسيات من طالبي اللجوء هناك، حيث قد يصل أحدهم لهناك وقد استنفذ معظم ماله، ليجد نفسه بلا سكن ولا مال، مشردا في انتظار قبول طلبه.
لكن الصحفي السوري المهتم بشؤون اللاجئين، يؤكد أن المشكلة لا تنتهي بعد الحصول على إقامة اللجوء، بل تتفاقم، حيث أن على اللاجئ أن يبدأ في رحلة جديدة للبحث عن منزل يؤويه.
ومع متطلبات أصحاب العقارات من عقود عمل دائمة ودفعات مادية تصل إلى خمسة آلاف يورو متفرقة بين تأمين للمنزل وسمسرة ودفعة أولى، يكون هناك عبئ كبير على اللاجئ في بداية رحلته، وفقا لسميسم.
حلول مؤقتة
يعتبر الكثير من المهاجرين أن الصبر على تلك الأوضاع ممكن طالما أنها مؤقتة، على الغالب، فيما توجد بعض الجهود الإنسانية التي تُبذل من هنا وهناك لمساعدتهم.
ويلفت سميسم إلى وجود العديد من المنظمات الإنسانية الدولية التي تدرس طلبات اللاجئين بالحصول على مسكن وتؤمن حلولا مؤقتة تبقي اللاجئ في حالة عدم استقرار.
وأوضح أن طالبي اللجوء يقصدون بلجيكا بسبب سرعة الإجراءات في بعض الأحيان وخاصة إجراءات لم شمل العائلات، فيما تبقى مشكلة تأمين السكن هي القضية التي تشغل بال طالب اللجوء السوري هناك.
وأشار إلى أن لكل دولة أوربية مميزات ونقاط ضعف ونقاط قوة، فيما تعطي بلجيكا حرية اختيار مكان السكن لطالب اللجوء على عكس الدول الأوروبية الأخرى.
يذكر أن ألمانيا تأتي في مقدمة الدول الأوروبية من حيث عدد اللاجئين و طالبي اللجوء السوريين فيها، تليها السويد.