يوافق اليوم الأربعاء الذكرى السنوية الحادية عشرة لمجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات الأسد، في غوطة دمشق، جنوبي البلاد، حيث لا يزال الجناة طليقين، كما بقيت سلطة الأسد محتفظة ببرنامجها لأسلحة الدمار الشامل.
وبعد المجزرة التي وقعت في صيف عام 2013، تم إعلان التوصل لاتفاق يقضي بتفكيك برنامج الأسد الكيماوي، مقابل عدم تنفيذ ضربة عسكرية غربية كان من المفترض أن تتم، لكنه استخدمه مرارا بعد ذلك، فيما يؤكد معارضون سوريون أنه لا يزال قادرا على إنتاج تلك المواد.
وفي تعليقه على ذلك، قال راضي سعد مسؤول ملف المواد الخطرة في الدفاع المدني السوري، لحلب اليوم، إن نتائج التحقيق التي وصل لها المحققون الدوليون التابعون لكل من فريق تحديد الهوية وفريق التحقيق المشترك، تؤكد مسؤولية سلطة الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي في تسع هجمات وكان أبرزها هجوم خان شيخون عام 2017 وهجوم دوما 2018 وهجمات اللطامنة 2017 وسراقب 2018، وجميعها بعد توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013.
وأضاف أن المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عرض خلال إحاطته لمجلس الأمن نتائج التحقيقات والمشاورات التي قام بها الفريق، حيث كشف عن وجود عدد كبير من الخروقات، موضحاً أن إعلان السلطة بخصوص مخزونها من الأسلحة الكيميائية غير دقيق.
كما يؤكد التقرير الصادر عن المدير العام للمنظمة، اعتراف السلطة بوجود مركز لتصنيع الأسلحة الكيميائية، وأربعة مرافق إضافية للبحث والتطوير، وخمسة عوامل حرب كيميائية غير معلن عنها سابقاً، وكميات كبيرة من عوامل الأسلحة الكيميائية غير المعلنة سابقاً، إضافة إلى استهلاك كميات كبيرة من سلائف وذخائر عوامل الحرب الكيميائية في أنشطة اختبار الأسلحة الكيميائية.
وفي ظل عدم وجود آليات واجراءات تضمن محاسبة المجرمين ومعاقبتهم على استخدام الأسلحة، فإنه من الممكن – وفقا لسعد – أن نرى المزيد من الهجمات الكيميائية “ليس في سوريا فقط”.
ماذا عن الموت بغير الكيماوي؟
دائما ما يتم الحديث عن الأسلحة الكيميائية وحظرها، لكن قوات الأسد وروسيا والميليشيات الإيرانية استخدموا مختلف أشكال الأسلحة التقليدية في قتل السوريين، وقد حصدت أرواح أعداد مضاعفة لا يمكن مقارنتها بضحايا الكيماوي.
كما تستخدم الأسلحة المحرمة دوليا، من القنابل العنقودية إلى المحملة بالنابالم والفوسفور.. إلخ، فهل تمثل تلك الأسلحة خطورة أقل من السلاح الكيماوي؟.
يرى سعد أن الأسلحة الكيمائية تشكل خطراً كبيراً وحظرها يشمل جميع البيئات المدنية والعسكرية بسبب المعاناة غير العادية للضحايا وتأثيرها العشوائي والخوف من التوسع باستخدامها، ولكن عندما تستخدم الأسلحة سواء التقليدية أو غير التقليدية بحق السكان فهي تكون بنتائج مشابهة لأن الهدف القتل وفقط القتل وكل ما يقتل السكان والأبرياء هو سلاح خطير وسلطة الأسد استخدمت مختلف الأساليب من أسلحة مبتكرة كالبراميل المتفجرة والطائرات المسيرة الانتحارية والغارات الجوية والأسلحة المحظورة على البيئات المدنية كالحارقة والعنقودية، واستخدمت أيضاً أساليب الحصار والتهجير وقد تكون آثارها أكبر أو تعادل آثار الأسلحة بأشكالها.
وفرض المجتمع الدولي الحظر على استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية بعد الحرب العالمية الأولى، وأكد على هذا الحظر في عامي 1972، و 1993 اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1997 عن طريق منع تطوير هذه الأسلحة وإنتاجها وتخزينها ونقلها.
وجاءت التطورات في العلم والتكنولوجيا لتزيد من الشواغل إزاء احتمالات تجاهل أو تقويض القيود المفروضة على استخدامها، وفقا لمسؤول ملف المواد الخطرة في الدفاع المدني السوري.
إلى متى الإفلات من العقاب؟
حصدت الأسلحة التقليدية أرواح معظم الضحايا وقتلت من السوريين أكثر بكثير مما قتلت الأسلحة المحرمة، فيما يستمر غياب العدالة، وعدم محاسبة المسؤولين، رغم وضوح الجرائم والأدلة.
ويرى سعد أن العدالة وعدم الإفلات من العقاب على جميع أنواع الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين هي الكفيلة بوقف الهجمات التي تستهدف المدنيين سواء بالأسلحة العادية أو الكيميائية، مؤكدا أن “الحرمة هي للروح البشرية بغض النظر عن السلاح الذي قتلت به”.
وأضاف أن “العدالة تعني الكثير، تعني أنه لا يمكن لمجرم أن يفلت من العقاب يوماً وتعني أن الأجيال القادمة ستعرف أنها قادرة على صنع العدالة ولن تفقد الأمل”.
يذكر أن قوات الأسد استهدفت في 21 آب 2013 عدة مدن وبلدات من غوطة دمشق الشرقية والغربية بعشرات الصواريخ التي تحوي “غاز السارين” ما تسبب بمقتل 1450 مدنيًا وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وكان الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) قد أقام أمس الثلاثاء، بالتعاون مع حملة “لا تخنقوا الحقيقة” وقفة لإحياء الذكرى الحادية عشرة لمجزرة الكيماوي في غوطة دمشق في حديقة المشتل بمدينة إدلب.