حلب اليوم – خاص
تشهد شوارع ريف دير الزور التي تسيطر عليها قوات قسد انتشار متزايد لظاهرة التسول، حيث يتجول الأطفال والنساء بين المحال التجارية والشوارع بحثاً عن المال والطعام، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب الإجراءات الفعالة لمعالجة هذه الظاهرة.
وأفاد مراسل “حلب اليوم” أن رؤية أطفال ونساء يتجولون بين المحال التجارية والشوارع بحثاً عن المال أو الطعام في ريف دير الزور بات أمراً شائعاً، إذ يستمرون في ذلك حتى ساعات متأخرة من الليل، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وغياب الإجراءات الفعالة لمكافحة هذه الظاهرة.
“أصبح التسول أحد المصادر الرئيسية لتأمين لقمة العيش لعدد من الأشخاص”، كما تقول السيدة فاطمة ن، وهي ربة منزل تعيش مع أولادها الأربعة في بلدة هجين شرقي دير الزور، وتنفق مبلغا لا يتجاوز الـ 200 دولار يرسله زوجها شهرياً من العراق.
بدورها، تقول سعاد لـ”حلب اليوم”: إنها “شاهدت امرأة تتسول طوال اليوم على رصيف سوق البلدة، وعند انتهاء يومها كانت تنقل خضاراً وفواكه ومعلبات، وهو ما لا أستطيع شراءه لمنزلي”.
وتتابع: “بعض المتسولين قد يكونون فعلاً بحاجة، لكن آخرين يعتبرون التسول مهنة، فعلى سبيل المثال، رأيت امرأة تتسول رغيف خبز ثم تجمع الأرغفة لتبيعها لاحقاً، مما يدل على حاجتها الفعلية، لكنها لا تمتلك رأس المال الكافي لشراء الخبز بكميات كبيرة”.
من جهتها، قالت السيدة جميلة ف، من سكان مدينة هجين، لـ”حلب اليوم” إن التسول أصبح مصدر إزعاج بسبب كثرة المتسولين الذين يتبعون أساليب مزعجة، خاصة مع الفتيات والنساء.
وأضافت خلال حديثها لـ”حلب اليوم”، أنها تلتقي بأطفال يشدون حقيبتها، ويمسكون ملابسها كنوع من الاستعطاف لدفعها لإعطائهم المال، وأن بعضهم يحاول سرقة الهواتف أو الحقائب.
من جانبه، قال أبو عمران، صاحب محل مواد غذائية في بلدة سويدان، إن التسول أصبح مهنة في ريف دير الزور، لأنه لا يتطلب جهداً أو رأس مال. وأضاف أن بعض العائلات ترسل أبناءها للتسول في الشوارع والأسواق والمقاهي الشعبية لجمع المال، وأن الظاهرة تشمل جميع الأعمار.
التسول المقنّع
وفقاً لمختص اجتماعي، فضل عدم الكشف عن هويته، فإن ريف دير الزور يشهد تزايداً في ظاهرة التسول المقنّع نتيجة لانخفاض الرواتب، وشحّ فرص العمل، وارتفاع الأسعار.
وأضاف في حديثه مع قناة “حلب اليوم”،: إن بعض الأفراد يمارسون التسول المقنّع بعد انتهاء عملهم الرسمي، حيث يعملون في النهار، ويقومون في المساء بممارسات غير مباشرة لجمع المال، مثل بيع سلع رخيصة بأساليب توحي بالاستعطاف.
وتابع: “قد تلاحظ شخصاً يبيع نوعاً من البسكويت الرخيص، ثم يتبعك طالباً منك المساعدة بعبارة مثل (خدلك وحدة الله يوفقك ويرزقك)، وعندما تسأله عن السعر، يجيب بشكل غير واضح، ويردد قوله (اللي يطلع من خاطرك)، ساعياً للحفاظ على ماء وجهه من خلال تغيير طريقة التسول التقليدية، لكنه في نهاية المطاف يطلب المال بداعي الشفقة”.
وأضاف: “يمكنك أيضاً أن ترى بائعاً للورد أو العلكة يتبعك بالأسلوب نفسه”.
مخاطر على الأطفال
يعتقد الأستاذ عبد الإله رمضان وهو ناشط في منظمات المجتمع المدني أن التسول يشكل تهديداً خاصاً للأطفال الذين ينتشرون بكثرة في شوارع دير الزور وحدائقها.
وقال رمضان في حديثه لقناة “حلب اليوم”: يتعرض الأطفال لمخاطر كبيرة بسبب التسول، ويظل الحديث عن حقهم في التعليم مجرد شعار، إذا كان الأطفال مضطرين للتسول، فلماذا لا تتخذ السلطات إجراءات ضد من يستغلهم وتعمل على إعادة تأهيلهم؟
وأدى انعدام فرص العمل نتيجة تداعيات الحرب في سوريا إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى حد بعيد في السنوات الأخيرة، فعلى الرغم من غياب الإحصائيات الرسمية حول أعداد المتسولين في سوريا، فإن الآلاف منهم، بما في ذلك النساء والأطفال، يتجولون في الأسواق والأماكن المزدحمة. إن غياب القوانين التي تحد من ظاهرة التسول وظروف المعيشة القاسية تساهم إلى حد بعيد في تفشي هذه الظاهرة، مما يجعلها بارزة في المدن الكبرى.