حلب اليوم – خاص
تواجه المناطق المعروفة بتأييدها للأسد في حمص، خاصة منطقتي الأرمن والحيدرية، زيادة واضحة في انعدام الأمن تحت سيطرة سلطة الأسد وميليشيات حزب الله، إذ شهدت هذه الأحياء، ارتفاعا في قضايا الاختطاف والاغتيال في الفترة الأخيرة، دون تحديد الجناة.
ويجمع أهالي المدينة بما فيهم مراسل حلب اليوم أن الأشخاص المسؤولين الرئيسيين في هذه العمليات ينتمون إلى ميليشيات حزب الله اللبناني وضباط من قوات الأسد، مما يؤكد خطورة الأزمة الأمنية في المنطقة.
تفاصيل الحوادث
وعن آخر تلك التطورات، أفاد مراسلنا في حمص، أن أهالي قرية الحيدرية عثروا على جثة رجل في العقد الخامس من عمره بالقرب من جسر مصفاة المدينة. وقد قتل الرجل بطلق ناري في منطقة الرقبة.
وأضاف مراسلنا أن الأهالي نقلوا الجثة إلى مستشفى الباسل في حي كرم اللوز، حيث قام الطبيب الشرعي إبراهيم ديوب بفحص الجثة، وأكد أن القتل وقع في ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة عبر إطلاق نار من مسافة قريبة.
وبحسب مراسلنا، من المرجح أن الرجل قد تعرض لعملية سلب مسلحة قبل قتله، نظراً للارتفاع الملحوظ في عمليات الخطف والقتل بقصد السرقة في الريف الغربي لمحافظة حمص، والتي يُنسب جزء منها إلى عصابات مدعومة من ميليشيا حزب الله اللبناني.
اختطاف وطلب فدية
في حادثة أخرى، رصد مراسل “حلب اليوم” اختطاف شابة تدعى “ك.ح” من أهالي قرية بيت المرج بريف صافيتا، منتصف الأسبوع الماضي، بالقرب من مدينة القصير (التي تسيطر عليها ميليشيا حزب الله منذ عام 2023)، في أثناء توجهها من ريف حمص الغربي إلى دمشق.
وأشار إلى أن الجهة الخاطفة أرسلت مقاطع فيديو وصور تُظهر تعرض الشابة للتعذيب، في محاولة للضغط على ذويها لدفع فدية قدرها ستين ألف دولار أمريكي، دون معرفة تفاصيل إضافية بعد.
وفي حادثة منفصلة، أكد مصدر طبي يعمل في مستشفى الباسل بحمص لمراسلنا وصول امرأة من حي الأرمن مصابة بطلق ناري في منطقة الكتف، مساء الخميس، منوّهاً إلى أن التحقيقات الأولية أظهرت أنها تعرضت لإطلاق نار في أثناء محاولتها الهرب من شابين كانا يقودان دراجة نارية، حيث قام أحدهما بإطلاق النار عليها قبل أن يلوذا بالفرار.
ردود أفعال
أعرب محمد.ص، أحد سكان حي الأرمن، عن قلقه قائلاً: “الوضع في الحي أصبح مقلقًا للغاية، والعصابات المسلحة تتجول بحرية، ونحن نشعر بعدم الأمان في أي وقت من اليوم”.
وأضاف في حديثه لحلب اليوم: “الكثير من الناس يتجنبون الخروج ليلاً خوفًا من التعرض لعمليات اختطاف أو اعتداءات، في ظل تعزيز الميليشيات لسيطرتها على الأحياء.”
من جانبها، أكدت فاطمة.ن، ربة منزل من قرية الحيدرية، لحلب اليوم أن “انتشار الجرائم في المحافظة زاد مؤخراً بشكل غير طبيعي، ونحن نعيش تحت ضغط دائم، فجميع العصابات ترتبط بالسلطة، إذ تستغل الوضع الأمني لتحقيق أجنداتها، مما يجعل التنقل داخل المحافظة أمراً خطيراً.”
أمّا أحمد.س، طالب جامعي، فقد أكّد أن “الوضع الأمني في حمص أثّر إلى حد بعيد على حياته اليومية، فالعديد من الشباب يتجنبون السفر بعيداً عن المدينة خوفاً من الاعتداءات أو الخطف، مما يظهر كيف تساهم الهيمنة الأمنية والميليشيات في تدهور الوضع.”
الميليشيات تزيد الفوضى
بدوره، رأى الناشط القانوني عبد الرحمن العلي، في أثناء حديثه لـ “حلب اليوم”، أن هذه الحوادث تشير إلى تدهور الأوضاع الأمنية في محافظة حمص، وهي مشكلة يمكن نسبتها إلى الهيمنة المستمرة لسلطة الأسد الحالية في المنطقة. فتصاعد الجريمة، من قتل وسلب واختطاف، يعكس استهتاراً ملحوظاً من قبل سلطة الأسد.
وأضاف: “الأزمة الأمنية التي تستشري في حمص تعمقت أساساً بفعل تعزيز وجود الميليشيات المسلحة وخاصة اللبنانية في حمص، التي تتلقى دعمها المباشر من سلطة الأسد.
وأشار إلى أن هذه العصابات لا تقتصر أفعالها على التأثير في الأوضاع الأمنية فحسب، بل تعمل أيضاً على ترهيب السكان وتسهيل عمليات السرقة، مما يزيد تفشي الجريمة.
العصابات المسؤولة
وسبق أن أكّد مراسلنا نقلاً عن مصادر خاصة لحلب اليوم، أن العصابات المسؤولة عن عمليات الخطف والسرقة والابتزاز المالي في حمص يقف وراءها كل من “سليمو النجار، بشار الضاهر، يزن الملحم، ومدين حديد”.
وأوضح مراسلنا أن هؤلاء الأشخاص مرتبطون بميليشيا حزب الله اللبناني ويحظون بحمايتها، بالإضافة إلى علاقاتهم الوثيقة مع رؤساء المفارز الأمنية التابعة لسلطة الأسد في المدينة.
وكان أبدى معظم أهالي مدينة حمص في 21 حزيران/تموز الماضي، استعدادهم لدعم أي جهة أو تشكيل يعلن عنه وجهاء المدينة وأعيانها لملاحقة زعماء العصابات بعيداً عن الأجهزة الأمنية المتورطة بحمايتهم مقابل حصولهم على نسبة كبيرة من أموال الفدى والسرقات.
وتسبب الانفلات الأمني الذي تشهده محافظة حمص وسط سوريا في لجوء شريحة واسعة من المدنيين إلى توظيف حراس داخل الأحياء السكنية والأسواق التجارية بهدف حماية أرزاقهم وأرواحهم على حد سواء، في ظل غياب أي دور للمفارز الأمنية التابعة لسلطة الأسد، إذ يتم ذلك مقابل رواتب مالية شهرية اتخذها البعض كوظيفة، على الرغم من خطورتها، بالتزامن مع انتشار البطالة بشكل غير مسبوق وغياب فرص العمل.