يلجأ السوريون في شمال غربي البلاد لشراء البالة والمستعمل، مع تراجع مستويات الدخل بشكل مستمر، وارتفاع الأسعار والتكاليف، حيث أصبح تسوق “الجديد” يحتل المرتبة الثانية، وذلك في مختلف المجالات.
ولا يقتصر ذلك على الملابس، بل يشمل الفرش من سجاد وبُسط وإسفنج ووسائد، وكراسي وغرف نوم، ومختلف مستلزمات البيوت من التجهيزات الكهربائية وغيرها.
يقول الشاب وسيم الأحمد لموقع حلب اليوم، إنه بات يبحث عن الخيارات الأقل تكلفة، مع تجهيزه لمستلزمات الزواج، حيث لم يعد بمقدوره شراء براد وغسالة جديدين.
وأضاف الشاب أنه وجد في “المستعمل الأوروبي” ضالته حيث اشترى كل مستلزماته بسعر قطعة أو قطعتين من الجديد، مؤكدا أن مستوى الجودة جيد في تلك البضائع.
يستورد بعض التجار أغراضا مستعملة “أوروبية” بأسعار رخيصة، وبعضها قد يكون مستخدما بشكل قليل بل بعضها قد يكون جديدا إلى حد ما، ولذا فإنها تستحوذ على الاهتمام الأكبر من قبل المستهلكين، وتوجد من ضمنها أصناف مختلفة.
وفي ظل انخفاض مستويات الدخل وارتفاع في تكاليف المعيشة واﻷسعار، مع ظروف نزوح صعبة لملايين المهجرين، بات شراء الملابس أمراً مكلفاً بالنسبة لشريحة واسعة تكاد تكون العظمى في المنطقة الممتدة من غربي حماة وشمال اللاذقية حتى شمال وشرقي حلب، وهو ما يدفع الكثير من اﻷهالي للجوء إلى “البالة” لسد احتياجاتهم، وخصوصا بالنسبة لملابس اﻷطفال.
تقول “هدى .م” وهي سيدة ثلاثينية تسكن في أعزاز شمال حلب، إن من الصعب عليها شراء ملابس جديدة ﻷطفالها الثلاثة، وخاصة في الشتاء، حيث قدرت كلفة الكسوة الشتوية الكاملة لهم بأكثر من 5000 ليرة تركية، أي ما يقرب من 200 دولار أمريكي، فيما تؤكد أنها تؤمن كافة مستلزماتهم من “البالة” بربع ذلك المبلغ صيفا وشتاء.
من جانبه يؤكد الخياط “أحمد .س” في مدينة إدلب أن قطاع الملابس بات يعاني من صعوبات جمة، دفعت تجاراً معروفين وأصحاب مشاغل قديمة ومعروفة إلى التعثر أو اﻹفلاس، جراء ارتفاع التكاليف وضعف اﻹقبال، لكن “أبو حسان” صاحب محل اﻷلبسة يرى أن اﻷوضاع ليست دائماً بهذا الشكل حيث يبيع كميات لا بأس بها من الملابس النسائية والولادية الجديدة التي يستوردها من تركيا وبأسعار ليست بالقليلة.
يشير أبو حسان إلى أن هناك شريحة أخرى من السكان في المنطقة لا تزال قادرة على شراء الملابس من النوعيات الجيدة، رغم أن سعر القطعة الواحدة من اﻷلبسة الولادية قد يتراوح بين 20$ و50$، لكن القادرين على ذلك قلة، وهم من التجار وأصحاب رؤوس اﻷموال أو موظفي المنظمات ذوي الرواتب الجيدة أو اﻷطباء.. إلخ.
ومن بين اﻷدوات المستعملة يعتبر السجاد والبسط والمفروشات هي الأبرز، حيث اضطر الكثيرون لبيع أغراضهم بأسعار رخيصة للتخلص من عناء نقلها وتخزينها، إبان الهجمة العسكرية الواسعة على الشمال الغربي، فيما برزت الحاجة في المقابل للأغراض لدى آخرين.
يفرش الرجل الستيني “أبو محمد” بضائعه كلّ يوم بمساعدة ولده على أحد الأرصفة حيث يعرض السجاد والكراسي إلى جانب الخردوات المستعملة، ويقول إن هناك نوعاً من اﻹقبال، حيث تقلّ الخيارات أمام السكان يوماً بعد يوم.
وتؤكد إحصاءات فريق “منسقو استجابة سوريا” أن دخل نحو 83 % من السكان لايتجاوز 50 دولاراً أمريكياً في الشهر، بل إن أكثر من 94 % من العائلات غير قادرة على تأمين مواد التدفئة في الشتاء.
لم يجد أبو محمد بدّا من اللجوء إلى المستعمل لشراء تجهيزات من أجل افتتاح مطعمه الجديد للفلافل والبطاطا، في مدينة سرمدا شمال إدلب.
وأوضح الرجل الأربعيني، المهجر من شمالي حماة، أن تكلفة شراء المعدات والتجهيزات الجديدة كبير بالنسبة له، حيث استطاع أن يجد أدوات جيدة نسبيا بنصف القيمة، بعد أن أمضى فترة طويلة عاطلا عن العمل بسبب قلة الرأسمال لديه، وتردده في الإقدام على مشروع جديد.
ويعود سبب توفر تلك المعدات في سوق المستعمل – بحسب أبو محمد – إلى حالة عدم الاستقرار الاقتصادي، التي تسبب فشل الكثير من المشاريع بما فيها المطاعم، حيث يقوم الكثيرون بتصفية محلاتهم بشكل مستمر وعرض تجهيزاتهم للبيع.
ومع حالة الإقبال تلك، بات هناك عدد كبير من الصفحات النشطة على موقع فيس بوك، تُعنى ببيع وشراء المستعمل.
يشار إلى أن إعادة عدد كبير من اللاجئين في تركيا ولبنان، واستقرارهم في الشمال السوري، زاد من الطلب على مختلف المستلزمات، حيث أن نحو 96 بالمئة منهم بحاجة إلى سكن، بحسب فريق منسقو استجابة سوريا.