حلب اليوم – خاص
فرضت الظروف الاقتصادية الصعبة على العائلات في محافظة الحسكة ومناطقها الريفية الحاجة إلى البحث عن فرص عمل ومشاريع صغيرة لمواجهة التحديات اليومية. وأصبح إعداد وبيع المؤن من أبرز هذه المشاريع التي توفر مصدر دخل رئيسياً للعديد من الأسر، خاصة النساء.
يعتبر إعداد المونة من التقاليد المحلية في الحسكة، حيث يتم تصنيع المخللات والمربيات والمجففات، وتتمتع نساء المحافظة بخبرة واسعة في هذا المجال، إذ نجحت العديد منهن في تحقيق دخل ثابت لأسرهن بفضل مهاراتهن، مما ساعد على تخفيف العبء المالي على أسرهن.
دخل ثابت
سهى محمود، البالغة من العمر 35 عاماً والمقيمة في حي الكلاس بمدينة الحسكة، قالت لقناة “حلب اليوم” إنها منذ بدء موسم الخضار الصيفية، تذهب إلى السوق يومياً تقريباً لشراء كميات قليلة من الخضار لتحضير المونة وبيعها داخل منزلها، في محاولة لمساعدة زوجها في تأمين معيشتهم.
وأشارت سهى إلى أن العديد من النساء في المنطقة يعملن في هذا المجال، حتى إنها طرحت الفكرة على أختها التي انضمت إليها في إعداد وبيع المونة. وقالت: “بفضل هذا العمل، تمكنت أنا وأختي من تحقيق دخل ثابت دون مغادرة المنزل، واستطعت خلال فترة قصيرة تأمين زبائن ثابتين لمنتجاتنا.”
تحضر سهى وأختها مجموعة متنوعة من المنتجات، بما في ذلك المخللات ودبس البندورة والمربيات والزيتون وقطاف الملوخية وتجفيف النعناع، وفقاً لمراسلة “حلب اليوم”، التي أكدت أن هذه المنتجات تحظى بشعبية كبيرة بين السكان المحليين، مما ساعد على توسيع دائرة عملهما وزيادة دخلهما بشكل ظاهر.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت مراسلتنا إلى أن هذا العمل وفّر مرونة تتيح للنساء التوفيق بين مسؤولياتهن العائلية ومتطلبات العمل، مما جعلهن مثالاً للإبداع والقدرة على التكيف في ظل الظروف الصعبة.
صعوبات العمل
سعاد المبروك، سيدة تقيم في مدينة القامشلي، وتعمل في إعداد وبيع المونة، أوضحت لقناة “حلب اليوم” أن بيع المونة يوفر لها دخلاً مادياً جيداً، ويساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لعائلتها. ومع ذلك، بدأت مؤخراً تعاني آلام في الظهر نتيجة الجلوس الطويل، مما أثار مخاوفها من الإصابة بالديسك.
بسبب هذه المشاكل الصحية، تقول سعاد: “اضطررت إلى تقليل كمية المونة التي أعدها وأبيعها لإراحة نفسي بعض الوقت، خاصة أنني مؤخراً بدأت أعاني من بعض الأمراض المزمنة والجلدية نتيجة العمل المستمر.”
وأضافت سعاد أن النساء العاملات في هذا المجال يواجهن تحديات إضافية مؤخراً بسبب انقطاع الكهرباء، الذي قد يستمر ليوم كامل في كثير من الأحيان، منوهةً إلى أن هذا الانقطاع منعهن من إنتاج كميات كبيرة من المونة، وعرّض ما أُعِدّ للتلف بسبب الانقطاع المتكرر والطويل للكهرباء في مدينة الحسكة وضواحيها.
ما علاقة المحروقات؟
تُجمع النساء اللاتي قابلتهن مراسلة “حلب اليوم” في الحسكة على أن ارتفاع أسعار المحروقات زاد تكاليف إعداد المونة، حيث بلغ سعر مادة الكاز اللازمة لتحضير بعض أنواع المؤونة الصيفية والمربيات عشرة آلاف ليرة سورية عند توافرها.
تعتمد النساء على الكاز للطهو عوضا عن الغاز المنزلي، الذي بات يباع بـعشرة دولارات أمريكية، أي ما يعادل حوالي مئة وخمسة وخمسين ألف ليرة سورية، وفق مراسلتنا.
وتؤكد مراسلتنا أن جميع النساء العاملات في هذا القطاع يُعتبرن نموذجاً للقدرة على التكيف والإبداع في مواجهة التحديات، إذ يُظهر إعداد وبيع المؤنة الدور الحيوي للمرأة في دعم الاقتصاد العائلي والمجتمعي في مناطق شمال شرق سوريا، ويُجسد جهوداً لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية عبر تجاوز الصعوبات اليومية بإرادة قوية وعزيمة.