أوقفت السلطات الأمريكية ضابطا سابقا في سلطة الأسد، لاتهامه بالضلوع في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فيما يجري التحقيق معه استعداده لعرضه للمحاكمة في الولايات المتحدة.
ويُعتبر سمير عثمان الشيخ، من المسؤولين الأمنيين البارز في سلطة الأسد، لدوره في قمع الاحتجاجات شرقي البلاد، منذ عام 2011، حيث تم أمس توقيفه في لوس أنجلوس، بولاية كاليفورنيا، وفقا لما أعلنته وزارة العدل الأمريكية.
وأكد المعتصم الكيلاني، الخبير القانوني السوري المقيم في باريس، أن المتهم كان تحت التحقيق منذ أوائل عام 2022 بعد أن تم إبلاغ السلطات الأمريكية بوجوده في البلاد، مضيفا أن هذا الاعتقال جاء نتيجة جهود مشتركة بين منظمات المجتمع المدني الحقوقية السورية ووزارة العدل الأمريكية.
وفي تعليقه على الموضوع قال رامز السيد، وهو معتقل سابق ومطلع على جرائم الشيخ، لحلب اليوم، إنه “واحد من من آلاف الشبيحة المجرمين التابعين لسلطة الأسد ممن تتم ملاحقتهم بشكل دائم، ونحن لهم – كما يقال – بالمرصاد”.
وأكد السيد وهو عضو المكتب السياسي بتيار التغيير الوطني ومدير مكتبه في فرنسا، أن أغلب المعارضين أو المعتقلين السياسيين السوريين وخاصة ممن ينتمون لإعلان دمشق ممن نقلوا لسجن عدرا يعرفوه، لأنه كان في تلك الفترة مدير السجن (من عام 2000 إلى 2010)، قبل أن يتقاعد و”يعرفون كم هو إنسان وصولي ومادي، ومجرم بلا أخلاق”.
من جانبه أكد محمد علاء غانم، الناشط السياسي البارز في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن الشيخ اطلع بدور بارز عقب نشوب الاحتجاجات السلمية في سوريا ضد الأسد، إذ إنه بسبب صفته الأمنية، وبسبب استعداده الواضح لقمع الاحتجاجات والتنكيل بالمحتجين، عينه بشار الأسد بمرسوم جمهوري محافظا لدير الزور، بعد أن تم تسريحه في مطلع عام 2011.
ومع بداية الثورة السورية – يضيف السيد – تم تكليف الشيخ بقمع الاحتجاجات في دير الزور لأن “الأسد يعلم أنه مجرم، وحتى يضمن قمع المظاهرات بطريقة وحشية”، وقد “ارتكب طبعا جرائم وفظائع بحق المتظاهرين والمعارضين السلميين بمحافظة دير الزور”.
ما أهمية المحاكمة سياسيا وحقوقيا؟
يرى السيد أن تلك الخطوة كانت جيدة بأميركا حيث أنها الأولى من نوعها، ففي أوروبا هناك عدة حالات لأشخاص يخضعون للمحاكمة، وهناك من حكم عليه بالسجن، وفي باريس “تم تصدير مذكرة اعتقال بحق المجرم الإرهابي الأول بشار الأسد” وقبل ذلك بفترة حوكم 3 ضباط وطبعا بألمانيا حصلت محاكمة للضباط وبهولندا وبلجيكا وتتم ملاحقتهم في كل مكان.
وأضاف أن كل واحد منهم “جمع ما نهبه من نتاج إجرامه ليهرب بتلك الأموال إلى أوروبا ولكن تتم ملاحقتهم هناك، حيث الكل تحت القانون”.
ويرى غانم أن لهذه المحاكمة أهمية سياسيا وحقوقيا حيث أن هذا الاعتقال يعد سابقة في الولايات المتحدة الأمريكية لأنه لم يجر من قبل أن ألقي القبض على مسؤول سابق رفيع المستوى في سلطة الأسد وضالع بجرائم.
وأضاف أنه قد جرى القبض على بعض المتورطين مع سلطة الأسد في أوروبا، ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية فإن هذه هي المرة الأولى فهي “سابقة.. وسابقة حسنة”، لا سيما وأن سمير عثمان الشيخ كان عميدا في وزارة الداخلية وقد تقلد مناصب أمنية مختلفة؛ منها رئاسة فرع الأمن السياسي في ريف دمشق.
ونوّه غانم بأن الأسد استبدله بمرسوم رئاسي بالمحافظ السابق لدير الزور، من أجل أن يكون هناك وجود أمني في المحافظة لقمع الاحتجاجات الشعبية الكبيرة والضخمة جدا في مدينة دير الزور و البوكمال.
وأشار إلى أن “إلقاء القبض عليه في الولايات المتحدة قبل أن يفر هو حقيقة أمر جيد جدا” فهو ضالع في ارتكاب جرائم كبرى بحق المتظاهرين في دير الزور وفي غيرها، إضافة إلى الجرائم التي ارتكبها حين كان يعني رئيسا لسجن عدرا.
ومن شأن ذلك – يضيف غانم – أن يلقي الضوء في الولايات المتحدة أكثر على حجم الجرائم التي ارتكبها الأسد و أن يشكل سابقة قانونية من الممكن أن يبنى عليها قانونيا لاحقا حين ملاحقة مجرمين آخرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ما هو الحكم المتوقع صدوره ضده؟
بالنسبة للحكم المتوقع صدوره ضده فإن “التحقيق ما يزال جاريا” وإلى أن ينتهي، “يتوقع غانم أن حجم التهم التي ستوجه إليه سيكون كبيرا جدا، وسيكون أدناها تزويره معاملته للهجرة إلى الولايات المتحدة.. و هذا لوحده سيؤدي في النهاية إلى إسقاط أو سحب أو إبطال بطاقة الإقامة الدائمة التي يمتلكها هناك لأنه حصل عليها عن طريق التزوير والتلاعب في تقديم الوثائق”.
أما التهم الأكبر فستكون القتل وارتكاب جرائم تعذيب بحق معتقلين وهذه تهم كبيرة، وفقا للناشط السوري الذي يأمل في أن يكون الحكم الصادر بحقه هو السجن لمدة طويلة جدا بحيث لا يخرج من السجن مرة أخرى.
هل تستطيع المنظمات السورية التحرك ضد مزيد من أركان سلطة الاسد ممن خرج من سوريا؟ وهل يقتصر الأمر على من خرج إلى الدول الغربية فقط؟
يرى غانم أن بوسع المنظمات السورية الأمريكية أن تقوم بالمزيد من التحركات المشابهة، داعيا كل من لديه معلومات بشأن وجود شخصيات يُعتقد أنها تختبئ مثل هذه الشخصيات لأن يتصل بهم لاعطاءهم المعلومات، مضيفا: “بوسعنا متابعة الأمر مع السلطات المختصة في الولايات المتحدة”.
شغل الشيخ مناصب رفيعة في وزارة الداخلية لسلطة الاسد، بما في ذلك رئيس سجن عدرا المركزي وفرع الأمن السياسي، وكان مقربًا من ماهر الأسد، كما شغل منصب محافظ ورئيس اللجنة الأمنية في دير الزور.
