إقبال الشيخ
توسعت خلال الفترة الماضية دائرة الاغتيالات التي تطال شخصيات مقربة من سلطة الأسد، والتي تنوعت بين ضربات جوية إسرائيلية، وحوادث سير، وزرع عبوات ناسفة، لتفتح باب التساؤلات حول الجهة الفاعلة، في ظل الحديث عن وقوف السلطة وراءها، أو على الأقل المساهمة والاشتراك بتنفيذها.
وكان آخر هذه العمليات مقتل براء قاطرجي في 15 تموز/ يوليو الجاري، أحد أبرز رجال الأعمال المقربين من الأسد، وأحد “حيتان الحرب” في سوريا، وسط تجاهل من الإعلام الرسمي لحادثة استهدافه.
بدورها، اكتفت إذاعة شام إف إم الموالية لسلطة الأسد بقولها: إن “سيارة استُهدفت على أوتستراد دمشق بيروت بداية طريق الصبورة، ويُرجح أنها ناجمة عن اعتداء إسرائيلي، ما أدى إلى احتراق السيارة بالكامل، ومقتل وإصابة من بداخلها”، دون ذكر هوية المستهدف.
وأتت هذه الحادثة بعد أيام من مقتل مستشارة الأسد لونا الشبل في الشهر نفسه، جراء حادث سير في مدينة دمشق، والتي دخلت على إثره المشفى، وأعلنت وكالة أنباء السلطة “سانا” عن وفاتها لاحقاً، ما فتح باب التساؤلات حول ازدياد مصرع شخصيات عُرفت بدعمها الأسد خلال سنوات الثورة.
اقرأ أيضا:
في السياق نفسه قال مصطفى النعيمي المحلل السياسي والباحث في الشأن الإيراني، في حديثه لـ “حلب اليوم”: إن طبيعة التصفيات التي تحصل لدى سلطة الأسد ماضية على قدم وساق، وذلك لإغلاق الكثير من الملفات الحساسة، لا سيما فيما يطلق عليها بالصناديق السوداء”.
وتابع “الكثير من الضباط الذين أُعلن عن مقتلهم صُفّوا على نحو مباشر، حتى ملابسات مقتل بعضهم، ومنهم لونا الشبل، ما زالت ضبابية، إذ تعلن السلطة عنها بالتدريج من أجل امتصاص غضب الشارع، وهذا التكتيك الذي تعتمده الدكتاتوريات، وغايته إغلاق الملفات الحساسة والمعنية بالملفات المرتبطة بحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية للدوائر المغلقة لدى الأسد”.
من جهته، أشار حمزة المحيمد المحلل السياسي والباحث في مركز وسط للبحوث، إلى أن الحوادث التي تحصل في فترة زمنية معينة، وتؤدي إلى وفاة شخصيات سياسية معروفة، ليست مصادفة، إنما هي عمليات اغتيال يستخدمها الأسد، لتنفيذ مهام غير شرعية، وإجرامية سيُسأل عنها من قبل المجتمع الدولي، وهي عمليات اغتيال مدروسة بدقة.
ولفت النعيمي إلى عدم اتفاقه مع النظرية التي تقول إن من متطلبات عمليات التطبيع إخراج العناصر المرتبطة بالمشروع الإيراني، لأن ما تخشاه سلطة الأسد هو المحاكمة الدولية التي ستكون مساراً حتمياً في إنهاء حكمه، وبالتالي يحاول إغلاق الصناديق السوداء من خلال تصفيتها.
بينما يرى المحيمد عكس ذلك، فالتطبيع مع الدول العربية يفرض على سلطة الأسد الابتعاد عن إيران، وقطع الجسر البشري الذي يربطه به، وهو الشخصيات السياسية التي كانت وسيلة صلة بينهما، والتي تملك معلومات توقع الأسد بمأزق مع المجتمع الدولي، وبالتالي يتخلص منها.
وبالعودة للنعيمي، فإنه يرى أن عملية التطبيع القائمة مع سلطة الأسد لن تنجح مطلقا، لأسباب متعددة، وهي أن سلطة الأسد لا تقبل شريكاً في الحكم، وهذا ما يحصل في حال ترسيخ التموضع الإيراني بسوريا، وانعكاساته على أضعاف ما تبقى من هيبة ما تطلق عليها “الدولة السورية” وفق منظورهم.
وأكد المحمد أن أي نظام استبدادي يفرض سيطرته على الدولة بالاعتماد على شخصيات في الدولة، الذين يقومون بأعمال إجرامية دون محاسبة قانونية، فيمنحهم القوة والقدرة، لذلك تقوم السلطة من فترة لأخرى بالتخلص منها، حتى لا تتمرد عليها.
هذا وتكررت خلال السنوات الماضية أخبار مصرع ضباط كبار في قوات الأسد، مع عدم الإفصاح عن السبب الرئيسي للوفاة، وسجل معظمها نتيجة عارض صحي.
ولم تخفِ بعض الصفحات الموالية استغرابها من حالات الوفاة تلك، لا سيما وأنها طالت ضباطًا تقلدوا مناصب حساسة ومهمة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وكان لهم دور كبير في الانتهاكات ضد المدنيين بعد اندلاع الثورة عام 2011.