تعتبر فكرة إنشاء مشروع مسبح استثمارًا ناجحًا إذا وافقت الظروف المناسبة، وهو الحال الذي كان سائدا في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، حتى وقت قريب، حيث تعاني معظم تلك المشاريع السياحية الصغيرة ركودا غير مسبوق.
ومع حالة الرواج التي لقيتها الفكرة خلال السنوات الأخيرة، انتشرت المسابح بشكل كبير في محيط المدينة، وريفها؛ خصوصا الغربي بالقرب من الانهار ومنابع المياه، لتصبح تلك الأعداد الكبيرة اليوم عاملا سلبيا ضد أصحابها.
وفيما لا يزال الإقبال على المسابح جيدا إلى حد ما في دركوش وما حولها غرب المحافظة، فإن الطلب بات منخفضا في مدينة إدلب وشرقها وشمالها، وفقا لما أكده عبد الرحيم أبو أحمد أحد المستثمرين في هذا المجال لموقع حلب اليوم.
وقال أبو أحمد إنه استأجر مسبحا متواضعا غربي المدينة، بمبلغ 3000$ مقابل استثماره لتسعة أشهر تبدأ من الصيف، لكنه لا يتوقع أن يتمكن من تحقيق ربح فضلا عن تجاوز الخسارة مع الواقع الحالي.
ما السبب؟
تعود قلة الطلب على المسابح إلى انخفاض المداخيل وزيادة البطالة وقلة فرص العمل، وانخفاض القدرة الشرائية لدى سكان المنطقة مع زيادة تكاليف المعيشة.
ووفقا لعبد الرحيم فإن أغلب زبائنه هم من التجار الميسورين أو أبناءهم، أو بعض المتنفذين المحسوبين على هيئة تحرير الشام، أو ممن لديه ولد أو أخ يرسل إليه إعانات شهرية من الخارج.
أما الأهالي فهم في الغالب يستأجرون المسابح بشكل جماعي، حيث يمكن لمجموعة كبيرة من الشبان، أو ربما النساء، الاجتماع لدفع تكاليف يوم أو ليلة، وهذا يعني قلة في الطلب.
تتراوح الأجرة بين 30$ و 50$ لليوم الواحد أو الليلة الواحدة، وذلك بحسب مواصفات المسبح، والتوقيت (التسعيرة أغلى يومي الجمعة والخميس وفي الأعياد)، لكن ذلك قد لا يكون كافيا لتغطية المصاريف وتحقيق الربح في حال انخفاض الطلب.
ويوجد أكثر من مليوني نازح ومهجر ضمن المخيمات في شمال غرب سوريا، يعاني أكثر من 94% منهم صعوبات كبيرة في تأمين الغذاء، وفقا لمنسقي استجابة سوريا، الذي يؤكد الارتفاع المستمر في مستويات الفقر.
التكاليف المرتفعة
تزداد الحاجة إلى أماكن الاستجمام والترفيه في ظل الازدحام وارتفاع درجات الحرارة، حيث تعتبر نسبة كبيرة من البيوت في المنطقة غير محققة للمواصفات والمعايير المطلوبة من حيث التهوية والمساحة وغير ذلك، مما يدفع السكان للبحث عن أماكن مفتوحة ونظيفة يقضون فيها بضع ساعات و يكون المسبح وجهة مفضلة للأفراد والعائلات.
يقول محسن أبو خالد إن إنشاء مسبحه قرب بلدة بنش شرقي المحافظة، كلفه نحو 30 ألف دولار أمريكي، كما أن المشروع يحتاج لتكاليف تشغيلية مستمرة، تتعلق بتبديل المياه وتعقيمها والإنارة والتنظيف والصيانة والمضخات والمرافق المختلفة.
لذا – يضيف أبو خالد – فإن المشروع يحتاج لإقبال جيد من الزبائن لتحقيق الأرباح، إلا أن تزايد معدلات الفقر، يجعل الطلب في تناقص مستمر، وهو ما أصبح بمثابة فرصة لأقاربه للاستجمام مجانا حيث يدعوهم بشكل مستمر بسبب فراغ مسبحه من الزبائن.
ولمواجهة المنافسة الشديدة الناجمة عن كثرة المسابح التي بنيت خلال السنوات الماضية؛ يجب تقديم خدمات متميزة وفريدة، والاهتمام بجودة الخدمة وتوفير بيئة نظيفة وآمنة، ما يعني العناية بالصيانة المستمرة وتخفيض الأسعار مع ارتفاع التكاليف.
ويواجه السكان المدنيون في شمال غرب سوريا العديد من المعضلات التي يشكل الجانب الاقتصادي أحد أبرز معالمها، وبحسب تقرير سابق لمنسقي الاستجابة فإن المنطقة تشهد زيادة في معدلات الانتحار مع تواصل الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، وسط ارتفاع في أسعار المواد الأساسية وانخفاض القدرة الشرائية لدى المدنيين بشكل واضح، وانخفاض معدلات الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة.