تعيش بلدة كناكر في ريف دمشق، حالة من الهدوء الحذر، بعد التوصل لتفاهم من أجل التهدئة بين المجموعات المحلية، و قوات الأسد، وذلك عقب فترة من المواجهة المسلحة المحدودة، والتي لجأت فيها سلطة الأسد للقصف المدفعي.
وشهدت البلدة سلسلة طويلة من الأحداث والمتغيرات خلال العام الجاري، لكن ما يجري مؤخرا له علاقة مباشرة بترتيبات الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، وفقا لما يؤكده مصدر خاص من البلدة، لقناة حلب اليوم.
تنتمي كناكر لمحافظة ريف دمشق، وتتبع إدارياً لناحية سعسع في منطقة قطنا، وهي قريبة من القنيطرة والجولان المحتل، حيث تنشط ميليشيا حزب الله والمجموعات الأخرى التي تستعملها إيران كورقة مساومة إقليمية.
وبالعودة للمصدر فقد نوه بأن الميليشيات الإيرانية ومن خلفها الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية (لإيران نفوذ كبير داخلهما) تعتبر كناكر خارج التفاهمات الدولية المتعلقة بالجنوب، وبالتالي تريد فرض تسوية مع السيطرة التامة عليها.
تقع البلدة على رأس “مثلث الموت” بين 3 محافظات، وتريد ميليشيات إيران الآن “أن تؤمن ظهرها إذا ما اندلعت مواجهات على جبهة الجولان”.
تعيش كناكر حالة من التفاهمات الضمنية، بسبب حرص كل الأطراف على عدم إشعالها، ولا يزال الشباب موجودين داخلها ومعهم أسلحة خفيفة، مما يحد من قدرة سلطة الأسد على اقتحامها.
وكانت دورية من قوات الأسد قد تسللت أمس الثلاثاء، إلى أطراف البلد داخل سيارة من نوع فان، لملاحقة الثائر يوسف زامل الذي كان على دراجة نارية مع زوجته، فدهسوا الدراجة، وسقط الرجل وزوجته أرضا، مما مكن الدورية من اعتقاله.
وردت المجموعات المحلية على ذلك فورا بمهاجمة أحد الحواجز العسكرية على أطراف البلدة، واحتجاز 5 عناصر، مطالبين بالإفراج عن يوسف.
وعقب ذلك تم عقد اجتماع للتفاوض، مساء أمس، بين اللواء الثامن والمجموعات المحلية في بلدة كناكر من جهة وبين قوات الأسد من جهة أخرى.
وتم بحث عدة قضايا تخص البلدة، وانتهت بالاتفاق على التهدئة، حيث تمت إعادة العساكر المحتجزين إلى الحاجز، في انتظار تنفيذ التعهدات.
ما يزال الحاجز حتى لحظة تحرير الخبر اليوم الأربعاء، شبه محاصر من قبل المجموعات المحلية، بانتظار إخراج يوسف وفق الاتفاق.
وقد تدخلت في المفاوضات أغلب الأفرع الامنية؛ بما فيها شعبة المخابرات، وقائد الفرقة السابعة، والأمن العسكري، حيث جرت في مقر اللواء 121، وتأخرت قليلا حتى وصول مندوبي الأفرع والجهات الأمنية من دمشق.
ووصلت لمركز الاجتماع أمس أرتال من اللواء الثامن، الذي “يحاول عادة التوسط والتهدئة في كل أزمات الجنوب ويقف مع الأهالي والثوار”، بحسب المصدر الذي أكد أيضا مشاركة بعض مركزيات درعا.
وتم الاتفاق على انسحاب قوات الأسد بالكامل من محيط كناكر وسحب كافة المظاهر الأمنية مقابل تسليم العساكر الخمسة لدى المجموعات المحلية، وإخراج المعتقل يوسف الزامل.
ويعتبر الزامل من أبرز المطلوبين لسلطة الأسد، إضافة لآخرين، وتعتمد الأفرع الأمنية سياسة الاصطياد لاعتقال المطلوبين، بسبب عدم قدرتها على تنفيذ الحملات واقتحام البلدة، وكانت قد اعتقلت 45 شخصا بهذه الطريقة، منذ شهر ونص الشهر حتى الآن، ومنهم من المحسوبين على روسيا.
تريد إيران السيطرة على كناكر عن طريق الفرقة الرابعة وضباط الاجهزة الأمنية المقربين منها، وذلك بعد أن أصبحت لها أذرع حولها، عبر السعي لاتفاق تسوية، مع ممارسة الضغط بالاعتقالات والقصف.
وكانت سلطة الأسد قد دعت لعقد اتفاق تسوية جديد، عقب قضية اعتقال النساء وإطلاق سراحهم مطلع الشهر الماضي، حيث جرت مفاوضات، وبعد فشل طرح سلطة الأسد لجأت لمزيد من الاعتقالات.
لا تزال قوات الأسد غير قادرة على دخول كناكر، حيث تصل فقط إلى مناطق محدودة في البلدة وعلى أطرافها، وتتم مواجهة أية محاولة لدخول الأحياء.
وقد حاول عناصر من فرع سعسع للمخابرات الجوية أمس، التقدم من الجهة الغربية للبلدة، لكن شبانها واجهوهم بالأسلحة.
أمام هذا الوضع تهدد قوات الأسد دائما بالقصف، وأدى استهداف البلدة أمس بقذائف المدفعية لسقوط ثلاثة ضحايا من المدنيين.
وبحسب المصدر فإن الهدف من القصف هو “تأليب الشارع على الثوار”، والضغط على السكان الذين “لم يعودا يحتملو القصف”، كما أنه لا توجد مشاف في البلدة لعلاج الجرحى.
وتستعمل سلطة الأسد القصف كوسيلة مفضلة حتى لا تتعرض للخسائر في الاقتحامات، حيث تلجأ إلى القصف أو التهديد به ثم التفاوض، وفقا للمصدر، الذي يؤكد أن الفرقة الرابعة ووالمخابران الجوية يستمرون في استفزاز الأهالي، ومن خلفهم إيران بهدف التوصل لاتفاق يمنحها السيطرة الكاملة، وهو ما لم تستطع تحقيقه حتى اليوم.