تؤكد “الإدارة الذاتية” التابعة لقوات قسد، في شمال شرقي سوريا، إصرارها على إجراء ما تسميه “انتخابات محلية”، خلال الشهر المقبل، بالرغم من الاعتراض التركي الشديد، وتهديد أنقرة بالعمل العسكري، وتحركاتها السياسية الجديدة، التي تستهدف قمع أي محاولة انفصالية شمال سوريا و العراق.
وقال رئيس “حزب الاتحاد الديمقراطي” PYD، صالح مسلم، إن “الإدارة الذاتية” متمسكة بالمضي في إجراء “الانتخابات المحلية”، في الحادي عشر من شهر أغسطس/ آب المقبل، على الرغم من تصاعد وتيرة تهديدات تركيا التي لوّحت بشن عملية عسكرية جديدة.
ومع تأكيد الرئيس التركي إمكانية تحرك بلاده عسكريا، في الشمال السوري، أبدى أيضا استعداده للحوار مع سلطة الأسد، بما يساعد بلاده في محاربة “التنظيمات الإرهابية والانفصالية”، مشيرا إلى قوات قسد، وحزب العمال الكردستاني بي كا كا.
كيف ستواجه تركيا تلك الخطوة؟
الكاتب والمحلل السياسي التركي، يوسف كاتب أوغلو، يرى في إفادته لحلب اليوم، أن تلك التنظيمات موجودة في الشمال السوري بمحاذاة جنوب تركيا بدعم من واشنطن التي تقوم بتمويلها و تدعمها بالسلاح وبالعتاد وبالتدريبات، و “أنقرة تعي ذلك تماما”.
وحول المتوقع خلال المرحلة القادمة، أكد كاتب أوغلو أن هناك احتمالا لقيام تركيا بعملية عسكرية موسعة في شمال شرق سوريا، مضيفا أن ذلك يوضح جانبا من إعلان بلاده استعدادها للتقارب مع سلطة الأسد.
وقال الكاتب التركي إنه يجب أن يكون هناك تنسيق مع السلطة الموجودة في سوريا، وإن “التعاون معها قد يكون تماما على غرار التنسيق الذي تم خلال الأسابيع الفائتة مع حكومة العراق، حيث تجاوبت الحكومة المركزية هناك مشكورة باعتبار بي كا كا منظمة محظورة و غير مرغوب فيها”.
وأوضح أن بغداد قامت بخطوات لضبط الحدود المشتركة بين العراق وتركيا، بناء على زيارة أردوغان، الذي يحاول “تأمين الحدود لمنع التسلل والتهديدات من قبل هذه المنظمات تجاه تركيا”.
ويضيف كاتب أوغلو: “على نفس المنوال يتم الآن ربما استغلال هذه الفرصة وترغب تركيا بمحاولة فتح قنوات دبلوماسية مع الأسد، وإقامة تعاون إستراتيجي للحفاظ على الأمن والاستقرار في شمال سوريا وجنوب تركيا، ومنع كل المخططات التي تريد أن يكون هنالك تأثير سلبي على وحدة الأراضي السورية وأيضا وحدة الأراضي التركية، وكذلك العراقية باستخدام العرقية الكردية وهو مخطط غربي – أمريكي معروف الدوافع”.
قسد متوجسة من التحرك التركي
رفضت “الإدارة الذاتية” في بيان نشرته أمس السبت، أي حوار أو تقارب بين تركيا وسلطة الأسد، وقالت إن “هذه المصالحة وإن تمت فهي مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري بكل أطيافه”، ووصفتها بأنها “خطوة سلبية جديدة لمناطق سوريا وخرق علني لسيادتها”.
يأتي ذلك بعد انتقاد مسلّم لسلطة الأسد، ومطالبته لها بالتحرك ضد تركيا، معتبرا أن عليها مواجهة تحركات أنقرة.
وتريد تركيا الآن – وفقا لكاتب أوغلو – التعاون مع “الحكومات الموجودة” في سوريا والعراق، و”التنسيق معها بشكل مشترك وتفويت الفرصة على تلك المشاريع، وضبط الأمن والاستقرار” وهو “مطلب أساسي بالنسبة للحكومة التركية”.
من جانبه قال المحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو، إن بلده ليست دولة حديثة عهد بتغيرات واختلافات جيرانها في العراق وسوريا تحديدا، وبناء عليه فإنها مصرة على مطالبها الأمنية و السياسية في هذين البلدين، والتي جاءت على لسان وزير الخارجية وكذلك من قبله وزير الدفاع.
وأضاف أن أنقرة تريد رؤية تغيرات على الواقع الميداني من جهة وعلى المستوى السياسي من جهه أخرى، وإلا فإن الحوار مع سلطة الأسد سوف يكون مرفوضا، حيث “تدرك أنقرة أن قسد عمليا في تنسيق كامل مع سلطة الأسد وبناء عليه لا يمكن أن تطمئن لما تقوله من تصريحات وإن كانت برعاية روسية”.
ماذا عن الدعم الامريكي؟
رغم إعلان واشنطن عدم تأييدها لإجراء الانتخابات المزعومة، إلا أن مصادر من PYD أكدت سابقا أن الولايات المتحدة أبلغت الإدارة الذاتية بأنها “استعجلت” في إعلان موعدها، أي أنها لم ترفض الخطوة بشكل واضح.
ويشير حافظ أوغلو هنا إلى مشكلة أن سلطة الأسد ستخضع لأي ضغط أو أوامر أمريكية بعدم التحرك ضد قسد، وعليه فإن موقف تركيا سيكون محرجا للأسد في حال طلبت دعما عسكريا وإن كان رمزيا ضد قسد.
وأكد أنه لا يمكن لسلطة الأسد أن تقوم بأي تحرك في هذا الإطار، لأنها أوهن من ذلك، ولأن “التعليمات التي عندها ترفض بقوة أي تحرك ضد قسد في شرق الفرات بأوامر أمريكية وباتفاقات مع روسيا وإيران بأن يبقى الوضع على ما هو عليه في شرق الفرات”.
ولكن ما يهم تركيا في كل هذا – يضيف الكاتب – هو العمق المتعلق بأمنها القومي، والذي يصل حتى 30 إلى 50 كلم، و”إذا ما ضمنت هذا فإنها قد وصلت إلى ما تريده مبدئيا”.
ورجّح أن يبقى الوضع على الأقل كما هو عليه إلى أن تنتهي الانتخابات الأمريكية وإلى أن تكون هناك سياسات خارجية أمريكية جديدة مع الزائر الجديد للبيت الأبيض.