أكدت صحيفة لوموند الفرنسية تعثر جهود التطبيع العربي مع سلطة الأسد، بسبب عدم تجاوب الأخيرة في تحقيق مطالب الأردن ودول الخليج الأساسية والتي تتعلق بملفات عدة أبرزها المخدات وإعادة اللاجئين.
وفي مقال بعنوان (سوريا: التطبيع العربي مع دمشق في طريق مسدود) قالت الصحيفة إن “الشركاء العرب للديكتاتور السوري ينتقدونه لعدم تناوله القضايا الحاسمة بالنسبة لهم: عودة اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، وإنهاء التوسع الإيراني في سوريا).
ولفتت الصحيفة إلى قمة رؤساء الدول العربية التي انعقدت في البحرين يوم الخميس 16 مايو/أيار، حيث كان الأسد ضيفاً عادياً تقريباً، “مبتسما في الصور المعروضة في شوارع المنامة كما في صورة لقائه مع محمد بن سلمان ولي العهد السعودي”.
قبل عام – تضيف الصحيفة – شجع الأخير على عودة الدكتاتور السوري إلى الحظيرة العربية، بعد اثني عشر عاما من النبذ بسبب القمع الذي مارسه ضد شعبه، لكن “التطبيع العربي لا يزال يواجه منتقدين، ويثير الإحباط والانزعاج حتى بين مؤيديه”.
وقال جهاد يازجي، مدير النشرة الاقتصادية سيريا ريبورت: “هناك، على الأقل، إعادة مشاركة من الدول العربية، والتي من الصعب للغاية التراجع عنها.، وبدون ذلك، ربما لم يكن بشار الأسد ليُدعى إلى بكين [في سبتمبر 2023 ]، لكن هذا لا يغير شيئاً بالنسبة للحل السياسي في سوريا، ولا على صعيد الدعم المالي وإعادة الإعمار ”.
وجلس الأسد صامتا يوم الخميس، حيث لم يخاطب الزعماء العرب أثناء القمة، وفي 2023، “غادر أمير قطر، خصمه الأشرس، الغرفة في بداية كلمته، ومن على المنصة، انتقده العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، القوة الدافعة وراء التقارب، من خلال إدانة تهريب الأسلحة والمخدرات الذي تقوم به الجماعات الإجرامية”.
وجاء الكشف، في اليوم السابق، عن محاولة السلطات الأردنية التي أحبطتها في نهاية شهر مارس/آذار لتهريب الأسلحة من قبل الميليشيات الموالية لإيران من سوريا، “في الوقت المناسب لإحراج الأسد”.
“الأولويات الإقليمية تغيرت”
أكد يازجي أنه: “لا أحد راضٍ حقاً عن التطبيع مع سلطة الأسد، ولكن لا يوجد انقطاع.. يحاول الجميع أن يظلوا واقعيين، لمنح الأمر فرصة”.
من جانبه قال المحلل الأردني عامر السبايلة إن الأولويات الإقليمية تغيرت مع الحرب في غزة ، حيث جددت الدول العربية دعوتها لإنهاء الأزمة السورية عبر حل سياسي، وحثوا على تنفيذ “إعلان عمان” الذي يدعو إلى عودة اللاجئين السوريين ومكافحة تهريب المخدرات ووضع حد للتوسع الإيراني في سوريا.
لكن سلطة الأسد “ليست في وضع يسمح لها بتقديم تنازلات بشأن القضايا التي تهم العرب، بحسب يازجي الذي تساءل: “هل كانت لديهم مثل هذه التوقعات أم أنهم أرادوا فقط الخروج من سياسة العزلة التي لم تؤد إلى شيء؟”.
تمت عودة الأسد إلى الجامعة العربية بفضل نقطة تحول في السياسة الخارجية السعودية، تجسدت في الانفراج مع إيران والبحث عن “سلام المستبدين” في المنطقة، وهو أمر “مفيد للتنمية الاقتصادية في المملكة” بحسب اللوموند.
ونوهت بأن الفائدة الاقتصادية من التطبيع مع الدول العربية لا تزال هزيلة بالنسبة لسلطة الأسد، إذ لم تستقر في البلاد سوى 14 شركة خليجية فقط في عام 2023، كما ألغي مشروع محطة طاقة كهروضوئية كان قد تم توقيعه في نهاية عام 2021 مع الإمارات.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على سلطة الأسد تستهدف منع التطبيع معها.