حلب اليوم – دير الزور
مع بدء موسم حصاد القمح هذا العام في ريف دير الزور، واجه الفلاحون تحديات جديدة، تمثّلت بين غلاء عمل الحصادات الآلية وندرتها، وارتفاع التكاليف الإنتاجية، وفي الوقت نفسه، لا يزال الفلاحون يبحثون عن حلول لتلك التحديات التي يواجهونها.
كم بلغ أجار الحصادة؟
أبو فاطمة -اكتفى بذكر كنيته لأسباب خاصة- وهو مزارعٌ في بلدة الصور الواقعة بريف دير الزور الشمالي الشرقي، يقول لـ”حلب اليوم”: إن أصحاب الحصادات في دير الزور باتوا يطلبون مبلغاً يصل إلى 8 دولارات أمريكية من الفلاحين لكل دونم واحد من الأرض المزروعة بمحصول القمح.
وأوضح أن أصحاب الشاحنات أيضاً يطلبون مبلغاً يتراوح بين 300 و600 دولار أمريكي عن حمولة الشاحنة من المحصول لنقله من الحقل إلى مراكز الاستلام، إلا أن “الإدارة الذاتية” لم تتدخل حتى الآن لحل هذه المشكلة.
وزاد القول: موسم القمح في ريف دير الزور الشمالي، بدأ أساساً مصحوباً بتحذيرات من احتمالات تفاوت الإنتاجية، بين منطقة وأخرى، وهذا ما نراه اليوم، فقد تراوحت كميات القمح المحصودة لكل دونم بين الزيادة والنقصان، حيث وصلت في بعض المناطق إلى ثلاثة أو أربعة أكياس بوزن (110 كيلو غرام) فقط، بينما لم تتجاوز الكيس الواحد في مناطق أخرى.
وعزّا الفلاح أبو فاطمة قلّة الإنتاجية هذا الموسم إلى عدم هطول أمطار كافية لتحقيق الإنتاج المرغوب، ما دفع بعض المزارعين هذا العام للتفكير في بيع المحصول لأصحاب الماشية بأسعار لا تساوي التكاليف الإنتاجية، وفق قوله.
كم يبلغ حصاد الدنم الواحد؟
على الرغم من أن استخدام الحصادات الآلية يمثل حلاً فعّالاً من حيث الوقت والتكلفة، إلا أنه يبقى مكلفًا للفلاحين، فقد قدّر أحد الفلاحين المدعو “فيصل محمد” أن تكلفة حصاد كل دونم بـ 20 دولاراً، بما يشمل أجرة الحصادة، وتكاليف نقل الحبوب، وتكلفة الأكياس، وغيرها من التكاليف الإضافية.
وأوضح المزارع “فيصل”، أن هذه التكاليف جعلت الإنتاجية غير مجديّة لبعض المزارعين في الظروف الحالية.
ويذكر المزارع في حديثه لحلب اليوم أن العمل في الأرض لم يعد يلبي احتياجاته المعيشية، رغم أنها كانت تغلّ عليه أرباحا تفوق تكاليفه قبل سنوات.
ما سبب تراجع الزراعة؟
وأرجع “فيصل” في معرض حديثه لحلب اليوم تراجع الزراعية لانخفاض منسوب المياه وموجة الجفاف الأخيرة التي أدت لارتفاع تكاليف الزراعة من أسمدة ومبيدات وأجور حراثة وحصاد ونقل، إضافة لمصاريف المحروقات المستخدمة في تشغيل المضخات لاستجرار المياه من النهر أو حتى من الآبار.
واختتم حديثه بالقول، “لا يمكن المجازفة في زراعة دونم واحد في الموسم المقبل، كما أن هناك أراض بعيدة عن النهر ما يزيد تكلفة جر المياه إليها، عدا عن احتمالية حدوث أعطال تقنية مفاجئة ليست بالحسبان في المضخات، فلقد أصبحت تكاليف تلك الزراعات لا توازي أسعار شراء المحصول الرخيصة الذي تحددها الإدارة الذاتية”.
وكانت أعلنت “الإدارة الذاتية” عن تكلفة حصاد القمح المروي والبعلي لموسم العام الحالي، وتتراوح بين 45 ألف و90 ألف ليرة سورية لكل دونم من الأراضي، وذلك حسب نوعية الزراعة، وفقاً لمراسلنا.
كما حددت بحسب مراسلنا أجرة شاحنات النقل للقمح من الحقل بسعر يبلغ 50 دولار أمريكي عن كل شاحنة عن أول 10 كيلومترات، و1 دولار أمريكي عن كل كيلومتر بعد ذلك، بالإضافة إلى غرامة قدرها 200 ألف ليرة سورية عن كل يوم تأخير تحت الحمل بسبب تأخر إفراغ الحمولة في مراكز الاستلام.
الجفاف
ويُصنف المناخ السوري بأنه قاحل أو شبه قاحل مع تغييرات واسعة في معدلات هطول الأمطار، إذ يبلغ معدل هطول الأمطار على الساحل المتوسطي في الغرب ما يقارب 1400 ملم سنويًا، وما يقل عن 200 ملم سنويًا على المناطق الصحراوية شرقًا.
وعانت سوريا من عدة موجات جفاف منذ الستينيات، وكان لهذه الموجات من الجفاف تأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي والحيواني.
وخلال موجة الجفاف الأخيرة، التي تعتبرها وكالة ناسا الأسوأ خلال القرون الأخيرة، تحولت غالبية أراضي الجزيرة الزراعية، التي تبلغ مساحتها حوالي 41% من مساحة سورية، لأراضٍ جافة بسبب انحباس الأمطار والاحتباس الحراري، ما أثّر بشكل سلبي على تراجع الغطاء النباتي من جهة، وتراجع المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، خصوصًا القمح والشعير، التي تعتمد بشكل أساسي على الأمطار.
وتعتبر “الجزيرة السورية” والتي سُميت بذلك نظراً لوقوعها بين نهري دجلة والفرات، سلة غذاء سورية لما تحويه من زراعات استراتيجية كالقمح والشعير والقطن والذرة الصفراء، إضافة لاحتوائها أعدادًا كبيرةً ومتنوعةً من المواشي.