سلطت صحيفة ديلي ميل البريطانية الضوء على قضية تُعتبر مثار جدل، حول تأثير تقنية تلقيح السحب على الطقس، وحدوث الفيضانات في أجزاء مختلفة من العالم، مستشهدةً برأي العلماء حول الموضوع.
وتستخدم دول كثيرة حول العالم تلك التقنية بما فيها اﻹمارات لتحفيز هطول الأمطار، إضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، وقد يربط البعض بينها وبين اﻷمطار الغزيرة.
ويقول الخبراء إنه لا توجد فعليا علاقة بين الحدثين، ولكن تقنية تلقيح السحب، لا تخلو من المخاطر المحتملة، وقد تؤدي إلى “تأثيرات كارثية”، وهو ما يؤكده علماء في شركة “جنرال إلكتريك”.
ولاحظ هؤلاء وجود تأثير غريب عند إجراء تجارب حول كيفية تشكل السحب في المختبر، حيث وجدوا أنه عندما يصبح بخار الماء شديد البرودة، بين -10 درجة مئوية و-5 درجة مئوية، فإنه لن يشكل بالضرورة بلورات ثلجية، ولكن عند إضافة مسحوق ناعم من “يوديد الفضة” (مادة كيميائية تستخدم في التصوير الفوتوغرافي)، دُهشوا بتجمد الماء على الفور.
وفسر الباحثون ذلك بأن بخار الماء لا يمكنه تكوين بلورات بمفرده، بل يحتاج إلى شيء ما ليشكل “نواة” ليتكاثف حولها، ففي السحب الطبيعية، قد يتم توفير “نواة تكثيف السحب” هذه بواسطة البكتيريا أو جزيئات الغبار الصغيرة، لكن الباحثين وجدوا الآن طريقة لتكوينها بشكل صناعي.
وتم تطوير تقنية تلقيح السحب منذ أكثر من 80 عاما، وتعمل من خلال تطبيقها على السحب الطبيعية، حيث يتم حقن “يوديد الفضة” أو ملح الطعام في الغيوم، ما يتسبب في تكوين بلورات الجليد بسرعة، وتتساقط في نهاية المطاف على شكل ثلج أو مطر تبعا للحالة الجوية.
وقال يوهان جاك، كبير خبراء الأرصاد الجوية في KISTERS: “يتم التلقيح إما عن طريق إطلاق المواد الكيميائية من الأرض، أو حقنها مباشرة من الطائرات، أو إطلاقها في السحب باستخدام الصواريخ”.
تم اختبار هذه التقنية في نحو 50 دولة مختلفة، من بينها دولة الإمارات التي تدير برنامجا متطورا لتلقيح السحب منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث يتم تنفيذ نحو 1000 ساعة من مهمات التلقيح سنويا.
ويوجد لدى الولايات المتحدة تاريخ طويل جدا من مهمات التلقيح، بدءا من عام 1947 بعملية “سيروس”، حيث ألقى الجيش الأمريكي حوالي 90 كغ من الجليد الجاف في إعصار قبالة ساحل فلوريدا.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أن المهمة كان لها أي تأثير، فقد هدد البعض برفع دعاوى قضائية ضد الدولة بعد أن غير الإعصار مساراته بشكل غير متوقع.
وكانت ولايات وايومنغ ويوتا وكولورادو قد أبرمت في عام 2018 اتفاقية لتقاسم التكاليف لتمويل مهام “تلقيح السحب”.
وفي أستراليا، بدأت تجارب “تلقيح السحب” في عام 1947، واستمرت حتى يومنا هذا، فيما تعد الصين الداعم الأكثر إنتاجية لتكنولوجيا تعديل الطقس.
ولسنوات عديدة، استخدم مكتب تعديل الطقس تقنية “تلقيح السحب” لإنهاء حالات الجفاف ومكافحة حرائق الغابات وتجنب هطول الأمطار أثناء العروض العسكرية.
ولا تستخدم هذه التقنية لزيادة هطول الأمطار فحسب، حيث تستخدم في دول، مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا بشكل أساسي لمنع هطول البَرَد.
خبراء يعترضون على التلقيح
تقول الدكتورة فريدريك أوتو، الخبيرة البارزة في الطقس من جامعة إمبريال كوليدج لندن: “لا يمكن لعملية تلقيح السحب أن تنتج كميات غزيرة من الأمطار، فهي تعدل سحابة موجودة فعلا، ولا يمكن تحويل سحابة ركامية صغيرة إلى عاصفة رعدية فقط من خلال التلقيح”.
وأضافت أوتو أن القلق الأكبر يتمثل في أن التلقيح يستخدم كبديل للعمل الفعال بشأن تغير المناخ، وهو السبب الحقيقي وراء زيادة هطول الأمطار.
وترى الباحثة أن تلقيح السحب هو”استراتيجية أخرى واضحة لتجنب المطالبات بوقف حرق الوقود الأحفوري.. إذا استمر البشر في حرق النفط والغاز والفحم، فسيستمر تغير المناخ وهطول الأمطار بغزارة“.