أكد ناشطون ومحتجون من محافظة السويداء في جنوبي سوريا، أن مظاهراتهم تهدف إلى إسقاط ادعاءات سلطة اﻷسد، حول “حماية اﻷقليات” من “التنظيمات الإرهابية”، وهي الروايى التي يروج لها إعلامه منذ عام 2011.
وتضم السويداء أكثرية من الدروز تحت رعاية “شيوخ العقل” والذين يؤيدون في مجملهم الحراك الثوري، باستثناء آخرين مؤيدين لسلطة اﻷسد.
وقالت لبنى الباسط، إحدى المحتجين، لتلفزيون DW اﻷلماني: “في السويداء، ندرك جيداً أن الرصاص هو الوسيلة المفضلة لسلطة الأسد، التي كانت تراهن على خفوت جمرة التظاهر، ولكن مع استمرار المظاهرات، بدأت محاولات ترهيبنا”.
وجزمت لبنى بثقة قائلةً: “لكن الأمر لن ينجح. لن يخيفنا الرصاص. كنا نعلم أنه سيتعين علينا أن نواجه رصاصهم في مرحلة ما- حتى لمجرد الاحتجاج السلمي”.
ويواصل المحتجون نشاطهم المعارض للأسد الذي بدأ الصيف الماضي، حيث اندلعت في منتصف آب/أغسطس الماضي موجة من التظاهرات السلمية في مدينة السويداء جنوب غرب سوريا، وقد شملت الاحتجاجات إقامة معارض فنية وعروضا ثقافية.
ورغم أن سلطة اﻷسد استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد السوريين، واعتقلت وعذبت مئات الآلاف، وشرّدت ملايين من النازحين واللاجئين، فإن قوات اﻷسد لم تقترب من المتظاهرين في السويداء، حتى الأسبوع الماضي على الأقل، حيث فتحت قوات الأمن نيران أسلحتها على احتجاج في 28 شباط/ فبراير 2024، ما أدى لسقوط جواد الباروكي (52 عاماً) قتيلاً، وأصيب آخر بجروح خطيرة.
وقال فضل عبد الغني، رئيس “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ومقرها هولندا، إن “الأسد يراهن على أن الحركة (الاحتجاجية) سوف تتلاشى في نهاية المطاف. بالتأكيد، هناك متظاهرون في الشارع يطالبون بالتغيير الديمقراطي. الحركة الاحتجاجية محلية محصورة في السويداء بشكل رئيسي، وسلطة اﻷسد تقرأ المشهد بعناية شديدة. ومن هنا فهي لا تعتقد أن التصعيد سيفيدها”.
من جانبه قال محمد علاء غانم، مسؤول السياسات في “التحالف الأمريكي من أجل سوريا”: “بالنظر إلى التاريخ الدموي لسلطة الأسد وجميع الجرائم التي نعرف أنه ارتكبها، فقد ينفد صبره في مرحلة ما في المستقبل ويقرر التحرك..لكنني لا أعتقد أن الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي ينذر بالضرورة بمزيد من العنف”.
وأضاف أن: “احتجاجات السويداء تبعث برسالة فحواها ضرب واحدة من روايات اﻷسد التي دأب على نشرها، وهي أنه بطل وحامي الأقليات في سوريا”.
وأكد غانم أن الأسد “ادعى على مدار سنوات أن المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية هم متطرفون إسلاميون سوف ينقلبون على الأقليات في البلاد إذا وصلوا إلى السلطة، لكن الاحتجاجات في السويداء، وهي محافظة ذات أغلبية درزية في سوريا، تدحض ذلك”.
واندلعت الاحتجاجات في السويداء على خلفية الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد وارتفاع أسعار البنزين على وجه الخصوص، لكن الاحتجاج تطور وأخذ منحىً سياسياً.
يقول المتظاهرون في السويداء إنهم يريدون نفس الشيء الذي يريده السوريون الذين نزلوا للشارع في ثورة 2011 (نهاية النظام الذي يرأسه الدكتاتور بشار الأسد).
وقال ريان معروف، رئيس تحرير شبكة الإعلام المحلية “السويداء 24″، أواخر العام الماضي، للموقع الإلكتروني “سوريا على طول” إن السويداء تشبه المحافظتين الجنوبيتين، درعا والقنيطرة، من حيث “غياب السلطات الأمنية (التابعة للأسد). وجودها شكلي. ومن هنا يتظاهر الناس ويلعب المجتمع المحلي دوراً أكبر في الحكم”.
وكان ناشطون وأكاديميون سوريون في كلّ من السويداء ودرعا وريف حلب الشمالي، قد أطلقوا يوم الجمعة 8 مارس/آذار، مبادرة لتوحيد الخطاب الجماهيري الوطني المناهض لسلطة الأسد في تلك المناطق.
وتهدف المبادرة إلى “منع الجماهير من الانجرار نحو الأهداف الانفصالية والتعصّبية كما هي الحال في تجربة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وواجهتها المدنية “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا”.