خاص – حلب اليوم
عثر على جثة الناشطة النسوية السورية “هبة حاج عارف”، صباح يوم الثلاثاء 27 شباط/فبراير، مقتولة داخل منزلها في بلدة بزاعة في ريف حلب الشمالي، الخاضع لسيطرة الجيش الوطني السوري (شمال سوريا)، في حادثة صادمة شغلت مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت جدلاً واسعاً بين السكان.
وتضاربت الأنباء بين إقدام الناشطة “هبة” على الانتحار أو ارتكاب جريمة قتل بحقّها.
من هي؟
هي ناشطة نسوية تدعى “هبة حاج عارف” درست في كلية الحقوق بمدينة حلب قبل سنوات، وهي عضو في شبكة المرأة السورية، وعملت سابقاً في المجلس المحلي لمدينة بزاعة بريف حلب الشمالي، متزوجة وتقيم مع زوجها في ذات المدينة وهي أم لطفلين (بنت تبلغ من العمر 6 سنوات وصبي أصغر منها)، كما أنّها تعمل مديرة قسم الفتيات في مدرسة تتبع لمنظمة “يني آدم” التركية، والتي تعني بالعربية (خطوة جديدة).
اعتقلت الناشطة “هبة” من قبل تنظيم “الدولة”، وأصدر حكم بالإعدام بحقها خلال فترة سيطرته على المنطقة (2014 – 2017)، إذ اعتقلت عندما كانت في طريقها من حلب إلى بزاعة، وعندما سيطر الجيش الوطني على مدينة الباب تم تهريبها من السجن من قبل مقاتلون من مدينة بزاعة، وفقاً لمصادر مطلعة لـ”حلب اليوم”.
بداية القصة!
استطاعت “حلب اليوم” التوصل إلى ذوي الفتاة “هبة” لفهم تفاصيل الحادثة، ليؤكد أحد أقربائها -فضل عدم ذكر اسمه- أن السيدة المقتولة “هبة” تعرّضت لتهديدات بالقتل قبل أسبوعين من وفاتها، حملت تلك التهديدات إجبارها على الاستقالة من عملها في المنظمة، منوّهاً إلى أن تلك التهديدات تماماً كالتي واجهتها قبل قرابة عام، والتي حذّرتها من الاستمرار في عملها بالمجلس، وقيامها بتقديم الاستقالة منه.
يقول المصدر إنه عند تلقيها التهديدات الأخيرة -قبل أسبوعين- تقدمت “هبة” بشكوى للشرطة في البلدة، علماً أن البلدة تحكمها “فرقة الحمزة” العامل ضمن “القوة المشتركة” التابعة للجيش الوطني السوري.
وأشار إلى أن “هبة” تحدثت مع مجموعة من حلقتها الضيقة بشكل شخصي بما تعرّضت له من تهديدات، مضيفاً: “عند التواصل الأخير معها، ذكرت أنها ستشرح لنا التفاصيل خلال لقاء الأسبوع الحالي في مدينة إعزاز، لكن الجريمة حصلت قبل اللقاء”.
وأوضح أن لهبة نشاطات في المنطقة حول توعية وتمكين النساء في بزاعة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الناشطات يتعرضن لضغوط ومضايقات “اجتماعياً وأمنياً” تصل لحد التهديدات في منطقة الباب، بسبب “تحديد أدوار مسبقة لهن”، وفق وصفه.
وتابع المصدر المقرب: “كان للمقتولة قيمة مجتمعية في محيطها، بسبب نشاطها وفاعليتها بما يخص حقوق المرأة وتمكين النساء ودعمهن”.
اكتشاف الجريمة
وفي يوم الثلاثاء الماضي، وصل بلاغاً إلى الشرطة المدنية في مدينة بزاعة، بوجود جثّة مقتولة داخل منزلها، لتتوجه دوريات من الشرطة برفقة سيارة إسعاف، وعقب وصولهم تم نقل جثّة القناة إلى المستشفى برفقة قوة أمنية، وقامت الشرطة باعتقال زوجها وشخصين آخرين لإجراء التحقيقات اللازمة، وفقاً لمراسل “حلب اليوم”.
يقول مراسلنا إن الطبابة الشرعية في المنطقة استبعدت أن تكون الوفاة بسبب “الشنق”، بعد إجراء فحص سريري للجثة، مشيراً إلى أن ذوي الفتاة رفضوا تشريح الجثة وطلبوا استلامها، بيّد أن الطبيب الشرعي طلب من الشرطة العمل على بعض الإجراءات في مكان الجريمة، وإثر ذلك تم اعتقال 3 أشخاص “مشتبه بهم” بهدف التحقيق معهم.
وفقاً لإحدى الروايات، كانت الشابة “هبة” تتعرض للتهديد والضغط من أكثر من عام ونصف تقريباً، من قبل أشخاص مجهولين، كانوا يوجهون اتهامات بـ”ولاء عائلتها لنظام سلطة الأسد”، وتواجد العديد من المقربين منها في مناطق سلطة الأسد.
وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، تبقى تفاصيل هذه الحادثة محط اهتمام المحققين، حيث يسعى القضاء للكشف عن ملابساتها وتقديم المتورطين فيها إلى العدالة.
ماذا قال أمن المنطقة؟
أصدرت “مديرية أمن الباب وريفها” أمس بياناً أكّدت خلاله أنها تتابع قضية مقتل الفتاة “هبة” مشيرة إلى أن “بعض الجهات الإعلامية نشرت معلومات لا أساس لصحتها محاولة ربط القضية ببعض المؤسسات المدنية والعسكرية، ولتحويل الحادثة إلى قضية رأي عام لنشر الفوضى قبل انتهاء عمليات التحقيق والوصول إلى ملابسات القضية كاملة”.
وأضاف البيان أن عدة أشخاص مشتبه بتورطهم بالحادثة اعتقلوا، وفق التحقيقات الأولية، مؤكدة على “عدم وجود أي صلة لهم بالفصائل العسكرية إضافة إلى عدم وجود ارتباط بين الحادثة وأي عمل له علاقة بالشأن العام”.
نعوة نسويّة
من جانبها، نعت “شبكة المرأة السورية” عضوتها وزميلتها (هبة حاج عارف)، وسلّطت الضوء على تعرّضها لتهديدات بالقتل، إلى جانب ضغوط لإجبارها على تقديم استقالتها من منصبها كـ عضو في المجلس المحلي لمدينة بزاعة.
وفي هذا السياق، نعت أيضاً الحركة السياسية النسوية” الناشطة “هبة”، واستنكرت الحركة “الجريمة” وطالبت بضرورة كشف الحقائق ومحاسبة جميع المتورطين فيها.
كما وأدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حادثة مقتل الناشطة “هبة”، وطالبت الحكومة المؤقتة والجيش الوطني بتحقيق شامل ومستقل في الحادثة، ودعت إلى توفير الحماية اللازمة للنساء العاملات والناشطات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المؤقتة وضمان سلامتهم وتوفير بيئة مناسبة.
وإلى اليوم تغيب أي صورة للناشطة “هبة” على مواقع التواصل الاجتماعي، ويجمع العديد من أهالي ريف حلب الشمالي، أن جرائم القتل والسطو المسلّح والاغتيالات تتكرّر باستمرار في عموم مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، حيث تعاني تلك المناطق من خلل أمني.