كشفت مصادر إعلامية عن خطة لإعادة هيكلة الجيش الوطني السوري، بهدف ضبط الأمن في الشمال السوري، وإعادة ترتيب اﻷوراق في مناطق سيطرته، والحد من نفوذ هيئة تحرير الشمال بريف حلب.
وقالت جريدة “الشرق اﻷوسط” نقلاً عن مصادرها إن الخطة تشمل دمج بعض التشكيلات وتقليص عدد العناصر، وإصلاح الشرطة العسكرية، وضبط المعابر الداخلية، بالإضافة إلى تمكين وزارة الدفاع من القيام بصلاحياتها.
وتقوم إعادة الهيكلة على حل المجلس الاستشاري ليحل مكانه مجلس عسكري أعلى يضم كبار الضباط، مع الاعتماد على الكلية الحربية التي تم تأسيسها مؤخراً لإعداد الضباط وصف الضباط لرفد كوادر الجيش الوطني.
كما سيتم – وفق المصدر – تخفيض عدد الفصائل وتفكيك التشكيلات التي نشأت خلال السنتين الماضيتين في الشمال السوري، مثل “القوة المشتركة” و”القوة الموحدة” وغيرها.
وأوضح المصدر أن الخطة تم اعتمادها نهاية العام الماضي، بعد ازدياد نفوذ هيئة تحرير الشام في مناطق سيطرة الجيش الوطني، وهجماتها المتكررة عليها، وكان آخرها توغل قوة من جهاز الأمن العام التابع للهيئة في مدينة أعزاز شمال حلب، منتصف ديسمبر/ كانون الثاني الماضي؛ بهدف اعتقال القيادي المنشق عنها جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور).
وقال قيادي في الائتلاف الوطني إن الخطة تعود إلى وقت مبكر من العام الماضي، إلا أن انشغال الجانب التركي بالانتخابات المحلية، والتغييرات التي طالت بعض المسؤولين الأتراك عن الملف السوري، أجّلت تنفيذها.
وقال قادة ومسؤولين في وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة إن التنفيذ انطلق بالفعل مطلع العام الحالي، من خلال إلزام التشكيلات المحلية التي انشقت عن فيالق الجيش الوطني الثلاثة وأسست تجمع الشهباء، بالعودة إلى صفوف الفصائل التي خرجت منها، والتخلي عن تحالفاتها مع هيئة تحرير الشام.
ومن المقرر أن يتم إغلاق المعابر التي تعمل بشكل “غير رسمي” بين مناطق سيطرة الهيئة ومناطق سيطرة الجيش الوطني، واستبدالها بمعبر واحد “رسمي” بهدف “ضبط الأمن ومنع أي اختراقات من جانب تحرير الشام”.
تقليص عدد الفصائل
تتضمن الخطة – بحسب المصدر – تقليص عدد فصائل الجيش الوطني من 27 إلى 18، بعد أن يتم دمج بعضها على أساس صنوف الأسلحة والاختصاصات الفنية، مع إلغاء التسميات الحالية للفرق والألوية، والاستعاضة عنها بأرقام ترميزية “بهدف التخلص من الأسس المناطقية أو الآيديولوجية التي تقوم عليها حالياً”.
كما تشمل الخطة تقليص عدد المقاتلين إلى النصف، على مراحل عدة تستمر لأشهر، على أن يتم نقل أعداد من هؤلاء العناصر إلى الشرطة العسكرية، التي يجري العمل على إصلاحها وزيادة الصلاحيات الممنوحة لها.
ولتمكين وزارة الدفاع وقيادة الجيش الوطني من ممارسة الصلاحيات المنصوص عليها، فمن المرجح أن يتم تسليم رئاسة هيئة الأركان إلى العقيد هيثم عفيسي.
ليست الخطة اﻷولى
أكدت المصادر أن الحديث عن خطة إصلاحية “لا يبدو مشجعاً للكثيرين”؛ بسبب طرح مشاريع في السابق لم يكتب لها النجاح، وهو ما يقرّ به القيادي في الجيش هشام اسكيف، إلا أنه يشدد على أن الأمر “مختلف هذه المرة”، وأن “ما يؤكد جدية المشروع اليوم أنه دخل حيز التنفيذ وقطع بعض المراحل بالفعل”.
وأشار إلى “الدعم المطلق الذي يحظى به” المشروع، سواء من الجانب التركي أو من غالبية قادة الفصائل التي يتكون منها الجيش الوطني.
لكن اسكيف أشار إلى معيقات وصعوبات تواجه أي خطة إصلاحية من هذا النوع، وفي مقدمتها مقاومة المستفيدين من واقع الفوضى الحالي، الذين سيحرمهم تكريس الحوكمة وفرض المؤسساتية من المكاسب التي يحظون بها، إلا أن استدرك قائلاً إن “الرغبة المشتركة لدى مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في إنجاز هذا التحول ستكون كفيلة بإنجاحه”.
من جانبه قال الباحث المتخصص في الجماعات السورية المعارضة، عبد الوهاب العاصي، وهو أحد المهتمين بالخطة، إنها “جاءت في توقيت ملائم”، حيث أن “الظروف حالياً ملائمة أكثر من أي وقت مضى لإعادة الهيكلة؛ فسابقاً لم تكن تركيا تضع كل ثقلها لدعم مثل هذا المشروع، في ظل أوليات أكثر أهمية بالنسبة لها، مثل الحفاظ على الاستقرار في الشمال، ومكافحة الإرهاب”.
أما حالياً – يضيف عاصي – فإن الاستقرار بات مهدداً نتيجة الخلافات والانقسامات الداخلية لدى فصائل المعارضة، بما في ذلك داخل هيئة تحرير الشام نفسها.