رفضت وزارة الخارجية الألمانية دعوات ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مؤكدةً أنها لا تزال غير آمنة، في ردها على دراسة تجريها وزارة الداخلية حول كيفية ترحيل طالبي اللجوء الذين “ارتكبوا جرائم جنائية”.
ونشر موقع tagesschau الألماني ما قال إنه تقرير سري صادر عن الوزارة، أكدت من خلاله أن عودة اللاجئين المحتملة إلى وطنهم لن تكون آمنة بالنسبة لهم حتى اليوم بسبب “الاضطهاد الممنهج” الذي تمارسه سلطة الأسد على العائدين.
وقال التقرير: “لقد مر الآن ما يقرب من 13 عامًا منذ أن بدأ بشار الأسد حربًا بالغة الأهمية ضد الشعب السوري، ومنذ ذلك الحين، تشير التقديرات إلى أن نصف مليون شخص لقوا حتفهم في الاشتباكات”.
وأضاف أن “أكثر من عشرة ملايين سوري فروا داخل البلاد أو إلى الخارج، وجاء حوالي 800000 شخص إلى الجمهورية الفيدرالية على مر السنين”، فيما لا تزال هناك مخاطر كبيرة في عمليات ترحيل اللاجئين السوريين أو العودة الطوعية “لأي منطقة في سوريا ولا لأي مجموعة من الأشخاص”.
كما أشار التقرير المكون من 32 صفحة إلى “وضع إنساني واقتصادي وحقوقي كارثي في أجزاء واسعة من البلاد”، حيث يتعرض “الأمن الشخصي” للعائدين للتهديد لأن سلطة اﻷسد “كثيراً ما تعلن أنهم خونة”، وبالتالي “يواجهون في كثير من الأحيان تعسفاً منهجياً بعيد المدى، بل وحتى انعداماً كاملاً للحقوق”.
وذكرت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك من حزب الخضر أن “الاضطهاد المنهجي” لجماعات المعارضة وغيرها من منتقدي سلطة اﻷسد مستمر دون تغيير”، حيث تشكل الاعتقالات التعسفية “التي كثيراً ما يتبعها الحبس الانفرادي ظاهرة منتشرة في كل مكان”.
ولفتت إلى أن أكثر من 100 ألف شخص لا زالوا في عداد المفقودين في سوريا، معظمهم من الرجال، و”لا يمكن الحديث حاليًا عن مناطق آمنة فردية داخل سوريا”، وفقاً لتحليل أجرته الوزارة مطلع الشهر الجاري.
يُذكر أن وزارة الداخلية الاتحادية تُجري حالياً دراسة بشأن ترحيل اللاجئين السوريين و”المغادرة الطوعية للمجرمين الخطرين المدانين إلى سوريا”، حيث ستتم مناقشتها في الاجتماع القادم لوزراء الداخلية في الربيع.
وكان وزير داخلية ولاية هيسن الألمانية رومان بوسيك قد دعا منذ أسابيع إلى عدم التردد في إجراء الترحيل ضد أي لاجئ يعرب عن دعمه لفلسطين، بما في ذلك السوريين في ألمانيا، معتبراً أن ذلك بمثابة جريمة.
وقال بوسيك إن أي لاجئ “يرتكب جرائم خطيرة يجب أن يفقد حقه في الضيافة”، وذلك ما يؤدي إلى الترحيل، مشيراً إلى وجود عقبات لوجستية وقانونية تمنع إعادة اللاجئين القادمين من “بلدان تعاني من مشكلات كبيرة”، كأفغانستان وسوريا وإيران والعراق.
واعتبر الوزير أن اللوائح التي تحدد عمليات إعادة “الأجانب المجرمين” تحتاج إلى مراجعة، وأنه “يجب أن يستمر النقاش حول متى تصبح جريمة اللاجئ خطيرة للغاية بحيث يمكن إرجاع مرتكبها إلى بلدان الحرب الأهلية”.
وشدّد بوسيك على قضية الموقف مما يجري في فلسطين، معتبراً أنه “من غير الممكن الجمع بين البقاء في ألمانيا وجريمة معاداة السامية”.