يواصل الأمن العام اللبناني احتجازه التعسفيّ وغير المبرر للاجئ السوري ياسين محمد العتر المعارض لسلطة اﻷسد، رغم انقضاء مدة سجنه بتهمة “الانتماء لتنظيمات إرهابية”، مع اﻹقرار بعدم ارتكابه أي جريمة.
وأكدت صحيفة المدن المحلية أن الشاب لم يرتكب جنحة أو جناية داخل الأراضي اللّبنانيّة، لكنه تعرض للسجن منذ سنوات بسبب معارضته لسلطة اﻷسد.
وقالت عائلته إن ابنها دخل منذ نحو أسبوع في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على استمرار اعتقاله غير المُبرّر لدى الأمن العام اللبناني.
وكان الأمن العام بصدد تسليم العتر إلى سلطة الأسد في سوريا دون أي مسوّغ أو سند قانونيّ إلا أنه تراجع عن القرار بعد ضغط إعلاميّ وحقوقيّ أثير حول القضية.
ويُصادف يوم الثلاثاء 20 شباط، يوم الأمم المتحدة العالميّ للعدالة الاجتماعيّة، الذي “يحتفي فيه العالم بكل الجهود التّي بُذلت لتحرير الإنسان من الخوف والحاجة والمظلوميّة، تحقيقًا لهذه العدالة”.
وأكدت الصحيفة “إمعان لبنان الرسميّ في مراكمة النقاط السّوداء على سجلّه الحقوقيّ، علانيّةً ومن دون أي اعتذار عن ذلك”، مشيرةً إلى أن “هذا التمادي انسحب ليطال ملف اللاجئين السّوريّين في لبنان، الذي عاد وفُتح مجدّدًا، بالرغم من الأزمات الكبرى التّي تتربص لبنان حاليًّا”.
وكان وزير المهجرين عصام شرف الدين، قد أعلن مؤخراً تكليفه حكوميًّا متابعة الملف والبدء بتسيير “قوافل العودة”، مدعيًّا أن “الجوّ ملائم” وأن سلطة اﻷسد ملتزمة بورقة التفاهم بين الجانبين، إلا أنه لم يذكر أي ضمانات بالعودة الكريمة والآمنة.
وبالعودة إلى قضية الشاب السوري فقد أعلنت عائلته منذ يوم الإثنين 12 من شباط الجاري، إضرابه المفتوح عن الطعام، فيما قرر الأمن العام احتجازه لحين موعد جلسته في شهر أيار المقبل، بإشارة من مدعي عام التّمييز غسان عويدات، بحسب ما قال وكيله القانونيّ ومدير مركز “سيدار” للدراسات القانونيّة، المحامي محمد صبلوح.
وأكد اﻷخير أن قرار إبقاء اللاجئ السوري في سجون الأمن العام غير قانونيّ البتة، بحكم أن موعد جلسته هي بعد ثلاثة أشهر قابلة للتأجيل.
وأضاف صبلوح: “مارسنا ضغطًا إعلاميًّا وحقوقيًّا كبيرًا، لوقف ترحيله، وقد صدر قرار التوقيف كدليل على أن السّلطات القضائيّة والأمنيّة لم تُصب في قرارها في ترحيل شخص معرض لخطر الاختطاف والتعذيب وحتّى الموت”.
ودفع العتر الكفالة الماليّة البالغة 300 مليون ليرة، المترتبة عليه مقابل إخلاء سبيله، بحكمٍ صادر عن محكمة التّمييز العسكريّة في كانون الأول 2023، بعد أن أمضى حكمًا بالسّجن 10 سنوات، قضى منها سبعًا، بحسب ما أوضحه صبلوح، حيث تساءل: “ما الداعي لاحتجازه حتّى اللحظة؟”.
واستطرد بالقول: “اليوم نحن لسنا قادرين على مواكبة وضعه الصحيّ خصوصًا بعد إضرابه عن الطعام، إذ منعنا الأمن العام من زيارته، إلا مرةً واحدة، وبالرغم من محاولتنا الحثيثة للدفع نحو الإفراج عنه بمقتضى القانون، تبقى مطالبنا غير مسموعة من قبل المعنيين، الذين مارسوا ظلمًا كبيرًا بحقّ العتر، منذ لحظة صدور قرار ترحيله، حتّى هذه اللحظة، ونخشى اليوم أن يزداد وضعه سوءًا، بتفاقم حالة انتفاء اليقين لديه، وبمشاهدته الدائمة لسوء المعاملة التّي يتعرض لها المحتجزون بغية الترحيل لدى الأمن العام”.
وتؤكد الصحيفة وجود عشرات الأمثلة لشبان سوريّين، ضحايا الاحتجاز التعسفيّ حتّى اللحظة في السّجون اللّبنانيّة، من دون أي ارتكاب أي جريمة (جنحة أو جنايّة)، داخل الأراضي اللّبنانيّة، “أما التهمة الموجهة دائمًا فتكون شبيهة بتهمة الشاب المذكور، أي الانتماء لتنظيمات إرهابيّة”، بالرغم من كون بعضهم شارك وحسب في النشاطات المعارضة السّلميّة، ولجؤوا إلى لبنان.
وشارك العتر البالغ من العمر 31 عاماً في النشاطات المعارضة في الثورة السّوريّة، ويتحدر من عائلة معارضة أيضًا من مدينة القصير بمحافظة حمص، وهو مطلوب لسلطة اﻷسد، فيما لا يزال والده محمد العتر مخفيًا قسرًا ومحتجزًا في سجونها.