أعلن قادة وزعماء في الاتحاد الأوروبي عن حدوث “اختراق” في اتفاق الهجرة الذي يسعون إليه، بعد سنوات من المحادثات المتعثرة، في ظل استمرار تدفق موجات طالبي اللجوء من الشرق الأوسط.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) في تقرير لها أن زعماء الاتحاد وكبار المسؤولين قالوا يوم أمس الأربعاء إن هناك تقدماً كبيراً في المحادثات بشأن قواعد جديدة للسيطرة على الهجرة، حيث “ظهر المشرعون الأوروبيون منهكين بشكل واضح” بعد محادثات جرت بين عشية وضحاها، وهم يعبرون عن ارتياحهم للتوصل إلى اتفاق “على العناصر السياسية الأساسية” لميثاق اللجوء والهجرة.
لكن المنتقدين قالوا إن اتفاق الهجرة سيضعف حقوق طالبي اللجوء وتشجع على المزيد من الصفقات المشبوهة أخلاقياً مع الدول التي يغادرها الناس للوصول إلى أوروبا.
وقالت إيف جيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، إن اتفاق الهجرة “سيؤدي إلى انتكاس قانون اللجوء الأوروبي لعقود قادمة، وسيتسبب في وضع المزيد من الأشخاص في الاحتجاز الفعلي على حدود الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الأسر التي لديها أطفال وأشخاص”.
وأضافت جيدي: “ستكون الدول قادرة ببساطة على الدفع لتعزيز الحدود الخارجية، أو تمويل دول خارج الاتحاد الأوروبي لمنع الناس من الوصول إلى أوروبا”.
وأعربت ستيفاني بوب، خبيرة الهجرة في الاتحاد الأوروبي في منظمة أوكسفام، عن قلقها من أن اتفاق الهجرة سيشجع على “المزيد من الاحتجاز، بما في ذلك احتجاز الأطفال والأسر في مراكز شبيهة بالسجون، كما أغلقوا الباب في وجه طالبي اللجوء بإجراءات دون المستوى المطلوب، وقاموا بترحيل سريع، وقامروا بحياة الناس”.
من جانبها قالت الأمينة العامة لمجموعة كاريتاس أوروبا الخيرية، ماريا نيمان، إن اتفاق الهجرة يظهر أن دول الاتحاد الأوروبي “تفضل نقل مسؤولية اللجوء إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، ومنع الوافدين وتسريع العودة، مما يعرض المهاجرين لانتهاكات حقوق الإنسان”.
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، للصحفيين وهي محاطة بالمشرعين المسؤولين عن الأجزاء الرئيسية من الاتفاقية: “دعونا لا نقلل من المخاطر إذا لم نتوصل إلى مثل هذا الاتفاق، هذا يعني، كما نأمل، أن تشعر الدول الأعضاء بأنها أقل ميلاً إلى إعادة فرض الحدود الداخلية لأن تدفق اللاجئين يخضع لإدارة”.
ويُعد اتفاق الهجرة بمثابة إصلاح شامل للقواعد التي يأمل الكثيرون أن تعالج التحديات التي فرضها وصول المهاجرين على مدى العقد الماضي،
ومن المحتمل أن تصبح الهجرة قضية ساخنة في الحملة الانتخابية قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو المقبل، لذا اعتبرت ميتسولا أنه من الضروري تحقيق انفراجة، كما وصفت يوم أمس بأنه “يوم تاريخي حقًا”.
وبحسب المشرعين فإن الاتفاقية تمثل الحل لمشاكل الهجرة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، حيث تسبب وصول أكثر من مليون شخص إلى أوروبا دون تصريح في عام 2015 بمشاكل عدّة، وكان معظمهم من سوريا أو العراق.
واندلعت خلال السنوات الماضية خلافات بين الدول الأعضاء حول الدولة التي يجب أن تتولى مسؤولية المهاجرين عند وصولهم وما إذا كان ينبغي إلزام الدول الأخرى بالمساعدة، ولكن في الأسابيع الأخيرة، تمكن المفاوضون من تضييق الخلافات حول القواعد المتعلقة بفحص المهاجرين الذين يصلون دون تصريح.
كما تم التوصل إلى اتفاق بشأن أي دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تتعامل مع طلبات اللجوء، وإجراءات القيام بذلك، وأنواع الدعم الإلزامي الذي يجب على الدول الأخرى تقديمه للدول التي تكافح للتعامل مع المهاجرين الوافدين، ولا سيما في “مواقف الأزمات”.
وفي منشور على موقع X، تويتر سابقًا، انتقد المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين – وهو هيئة جامعة لحقوق المهاجرين – القواعد ووصفها بأنها “بيزنطية في تعقيدها وأوربانية في قسوتها”، في إشارة إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي أقام سياجًا من الأسلاك الشائكة لإبعاد المهاجرين.
وقال المشرع الإسباني الاشتراكي في الاتحاد الأوروبي، خوان فرناندو لوبيز أغيلار، إن مجرد الاتفاق على صفقة يمكن اعتباره انتصاراً، وإنه “لا يمكن لأحد أن يخرج من هذا الوضع.. هذه المفاوضات سعيدة تماما”.
من جانبه وصف المستشار الألماني أولاف شولتز اتفاق الهجرة بأنه “قرار مهم للغاية” من شأنه أن “يخفف العبء عن البلدان المتضررة بشكل خاص – بما في ذلك ألمانيا”.
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أمام برلمان بلاده إن اتفاق الهجرة “سيسمح لنا بإدارة أفضل وأكثر إنسانية وأفضل تنسيقا لحدودنا وتدفقات الهجرة”.
أما رئيس الوزراء الهولندي المؤقت مارك روته فقد اعتبر أن الاتفاق يحسن “السيطرة على الهجرة” من خلال “إجراءات أفضل للجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”.
يذكر أن اتفاق الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه أمس الأربعاء ليس نهائياً، وقال المسؤولون والمشرعون إنه لكي تدخل اتفاقية الإصلاح بأكملها حيز التنفيذ، يجب التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن جميع أجزائها العشرة بحلول فبراير/شباط، ثم تحويلها إلى قانون قبل الانتخابات المقررة في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/حزيران.