عاد ملف الحج إلى الواجهة في الشأن السوري عقب نفي لجنة الحج العليا، اليوم الاثنين، جميع الأنباء التي أفادت بانتقاله إلى قبضة سلطة الأسد، في ردها على ادعاءات سفيره لدى الرياض، أيمن سوسان.
وكان سوسان قد تحدث عن “اتفاق مرتقب وحل نهائي” ستستعيد بموجبه وزارة الأوقاف التابعة لسلطة اﻷسد تنظيم الحج من المعارضة السورية هذا الموسم، بعد 12 عاماً من تسلمها له.
وقالت اللجنة إن جميع الأنباء التي تتحدث عن توقيع أي جهة لاتفاقية ترتيبات الحج السوري مع المملكة العربية السعودية لموسم حج 1445- 2024، لا صحة لها “حتى هذه اللحظة”.
وحول اﻷهمية السياسية لملف الحج بالنسبة لسلطة اﻷسد، قال المحلل السياسي السوري ياسر النجار لحلب اليوم، إن اﻷسد يسعى إلى السيطرة على هذا الملف حتى لو كان الثمن عدم استطاعته وعجزه عن القيام به، وبالتالي تعطيل وفد الحجاج السوري لهذا العام، فهو بالنتيجة لا يبحث عن مساعدة السوريين في هذه القضية بل على العكس؛ يركز على استغلالها لمصلحته، فهناك “عصابات مرعية من خلاله ستحاول استغلال الأمر وسرقة المواطنين السوريين كما هو معتاد والنتيجة سيكون هناك مزيد من الاستغلال والمتاجرة بمعاناة الشعب السوري”.
واستبعد النجار أن تقبل حكومة المملكة بإبعاد أكثر من نصف الشعب السوري عن القيام بفريضة الحج، لأن سلطة اﻷسد تمارس عليهم سياسة العقاب الجماعي، وستقوم أجهزة المخابرات بالانتقام من الشعب في مناطق الشمال السوري.
وبالنتيجة – يضيف النجار – سيبقى الأسد “يساوم على سوريا والسوريين ويقدمها قرباناً من أجل البقاء على كرسي السلطة حتى لوكان الثمن أرواح ودماء السوريين جميعهم”.
استغلال الفريضة المقدسة من أجل الكبتاغون
يشير مراقبون إلى خطر من نوع آخر قد ينشأ عن استلام سلطة اﻷسد لتنظيم ذهاب السوريين إلى الديار المقدسة، حيث تذخر مناطق سيطرته بالمخدرات وتنشط مع الميليشيات اﻹيرانية في تهريبها.
وكانت المملكة السعودية قد أعلنت مراراً ضبط شحنات مخبأة بطرق “احترافية” في بضائع قادمة من الجنوب السوري عبر اﻷردن، والتي تعاني هي اﻷخرى من الموضوع نفسه.
ويشير النجار إلى أن المليشيات اﻹيرانية التي تقف خلف تصنيع وتهريب حبوب الكبتاغون باتجاه المملكة العربية السعودية عبر الحدود الأردنية، لن تمتنع عن استغلال رحلات الحج، ولن يستطيع الأسد تقديم أي ضمانات لمنع التهريب عبر القوافل.
وقد سعت إيران طوال الفترة الماضية ونتيجة للتفاوض مع المملكة العربية السعودية إلى تحسين العلاقات السعودية مع الأسد وتُوج ذلك بعودته لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، ويرى المحلل السياسي السوري أن قضية الحجاج السوريين واستغلال هذا الملف لمصلحة اﻷسد هو استمرار لمسعى طهران من أجل تحسين ظروفه مع الدول العربية.
معوقات كثيرة
“حتى هذه اللحظة” لم توقع وزارة الحج السعودي مع سلطة الاسد عقود الحج لعام 1445-2024، وذلك وفقاً لما أعلنته لجنة الحج، ويلفت النجار النظر لوجود الكثير من المعوقات التي تجعل من سلطة اﻷسد عاجزة عن تسهيل أمور الحجاج السوريين، مؤكداً أن كل ما يصدر عنها بشكل رسمي أو سوى ذلك إنما هو “مجرد بروباغندا إعلامية تحاول من خلالها إيصال رسائل بأنها استعادت قدرتها على إدارة الملفات السورية في ظل عجز على كافة المناحي الأمنية والاقتصادية والسياسية”.
وخلال الفترة الماضية فإن سلطة اﻷسد ومن خلال اللجان التي شكلتها مع وزارة الحج السعودي لم تستطع إيجاد حلول حقيقية للقضايا التي طُلبت منها – وفقاً للنجار – فعلى صعيد الطائرات والبنى التحتية للمطارات السورية لا تستطيع أن تجد حلولاً لها والمطارات السورية حتى اللحظة تحت سيطرة مليشيات إيرانية وهي مستهدفة بالضربات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية حديثاً.
“بالإضافة إلى قوانين العقوبات المفروضة على سلطة اﻷسد وحالة الفساد وسرقة مقدرات الشعب السوري”.. كل ذلك “جعل من خزينة الدولة السورية خاوية؛ فكيف ستتم تغطية القضايا المالية للزوم الحجاج السوريين من بطاقات طائرات وأجور تطواف والمناسك والمبيت وإطعام الحجاج السوريين طوال فترة الحج في البلاد المقدسة؟”.
يؤكد النجار أن كل تلك الأمور تجعل من سلطة اﻷسد عاجزةً عن القيام بالدور المطلوب منها في خدمة الحجاج السوريين على عكس ما كان يجري سابقاً مع لجنة الحجاج السوريين طوال السنوات العشر الماضية.
يشار إلى أن وزارة الحج السعودية ستحدد الجهة التي سوف تتولى ملف الحج، سواء كانت تابعة للأسد أو للمعارضة، بعد توقيع عقد رسمي معها، وهو ما لم تشر إليه أو تصرح عنه، حتى الآن.