سلط تقرير الضوء على رواية “الغرفة السوداء” للصحفية غوينايل لينوار، والتي حاولت من خلالها “الغوص داخل رأس قيصر سوريا”، ﻹظهار كمية الوحشية والفظاعات في سجون اﻷسد ومعتقلاته.
وكتبت لنينا شاتيل المحررة في موقع “أوريان 21” سرداً سريعاً لفكرة الرواية التي تدور حول حياة “ذلك المصور العسكري الذي خاطر بكل شيء ليُظهر للعالم صور الجثث التي عُذّب أصحابها في سجون اﻷسد “، حيث كتبت لينوار “في سرد متماسك ومؤثر حوارا داخليا مفعما بروائح الموت ويضج بالصمت والشجاعة والجبن”، تتحدث فيه عن “روتين حياة ذلك الأب المصور في مشرحة المستشفى العسكري بدمشق”.
تحذر لينوار منذ البداية من أن هذا الكتاب عبارة عن رواية، شخصيتها الرئيسية حقيقية، فهذا المصور موجود ويعيش مختبئا في مكان ما بأوروبا، واسمه الرمزي “قيصر” والفظائع الموصوفة في الرواية مثبتة والحقائق موثقة، و”لكن صوته هو صوتي، إنه صوت رجل يتسلل الشك إليه”.
هذا الصباح كانت 4 جثث صغيرة تنتظر في الأدراج ثم أصبحت 6 ثم 12 ثم 15، وسرعان ما لم تعد هناك مساحة في الأدراج، وسرعان ما تراكمت الجثث المعذبة على بلاط الممرات وفي شاحنات صدئة متوقفة أمام الباب، وفي الليالي تبدأ الكوابيس ووعي المصور يستيقظ، وسرعان ما يتبدد الشك أيضا.
وتتراكم الأدلة على بطاقة الذاكرة الخاصة بالمصور، سوف يخاطر بكل شيء لتهريبها قبل أن يغادر البلاد رغم خطر أن يجد نفسه على الجانب الآخر من العدسة، جثة معذبة تثير الرعب والدهشة في لحظة من الخوف والإعجاب.
مركز لجميع القصص
غوينايل لينوار لا تعرف عن قيصر سوى ما يعرفه الجميع، وهو كونه مصور الطب الشرعي العسكري الهارب من سجون اﻷسد ، لكنها عندما اكتشفت قصته عام 2014 أدركت أنها تريد أن تكتب عما شعرت به وكأنه أمر كبير، كيف تمكن من البقاء لمدة عامين؟ كيف فعل؟ كيف كنت سأفعل؟ هذا التساؤل بضمير المتكلم يأخذ الكاتبة نحو الخيال، نحو إجابة حميمة تعرف الصحفية أنها لن تكون متاحة في القصة الصحفية.
يهدف هذا الكتاب إلى أن يكون بمثابة تكريم لقوة وشجاعة جميع المعارضين الشبيهين بقيصر، ولأولئك الذين أصبحت الثورة بالنسبة لديهم قناعة هادئة فأداروا ظهورهم لسلطة تفرض الخوف والصمت “يجب على الأموات أن يتكلموا لأننا نحن الأحياء لا نستطيع أن نتكلم، لقد خاطوا شفاهنا ومزقوا ألسنتنا منذ عقود، لقد بدؤوا بإسكات آبائنا، أسكتنا آباؤنا ونحن نسكت أطفالنا”.
لينوار: على الأموات أن يتكلموا لأننا نحن الأحياء لا نستطيع أن نتكلم، لقد خاطوا شفاهنا ومزقوا ألسنتنا منذ عقود، لقد بدؤوا بإسكات آبائنا، أسكتنا آباؤنا ونحن نسكت أطفالنا.
وبالإضافة إلى كونها عملا مؤثرا ووثيقة أساسية لمن لا يعرف قصة قيصر فإن هذه الرواية -حسب تقرير الموقع- دعوة نابضة بالحياة إلى العصيان، تسمح لك بتخيل ما يعنيه العيش في ظل نظام شمولي واستكشاف مجموعة من المشاعر، من لطف العلاقة الحميمة إلى القلق الدائم في العمل والشوارع والمقاهي.
الحاجة الملحة للكتابة والقراءة
لكتابة هذه الرواية والانغماس في الحياة اليومية لمصور في مراسم الجنازة بمستشفى عسكري استدعت غوينايل لينوار قراءاتها وأفلامها وتجاربها الشخصية، مستشهدة بـ”القوقعة” لمصطفى خليفة وبجميع اللقاءات التي ميزت مسيرتها كصحفية في الشرق الأوسط، بميشيل كيلو وسهى بشارة وآخرين من الناجين من سجون اﻷسد في تدمر وصيدنايا.
وتعد رواية غوينايل لينوار “الغرفة المظلمة” فرصة للعودة إلى الأعمال الخيالية أو الواقعية المستوحاة من واقع لا يوصف، وهي مثل الكثير من الأعمال ولدت من الرغبة الملحة في القول والكتابة.
وقد حان الوقت -كما ترى نينا شاتيل- لقراءة هذه الأعمال التي تحاول إخراج هذه الثورة من طي النسيان، وإخراج قيصر والآخرين من الهاوية، حيث تتراكم الآمال في القبر المشترك لإنسانيتنا، إذ تعتبر “الغرفة المظلمة” من حيث لا يشير اسمها بصيصا إضافيا من الضوء في هذا المشهد الطبيعي.