ابتزّ ضباط من قوات اﻷمن التابعة لسلطة اﻷسد ذوي المرتزقة الذين جندتهم روسيا للقتال إلى جانبها في ليبيا، من العاصمة دمشق وريفها، ﻹجبارهم على دفع مبالغ طائلة، تحت طائلة السجن.
ونقل موقع صوت العاصمة المحلي عن “مصادر خاصة” أن فرع الأمن العسكري بدمشق اعتقل خلال الأشهر الماضية العشرات من الموكلين باستلام الرواتب، وعادة ما يكون الموكل بقبض رواتب المقاتل زوجته أو أبوه أو أحد أشقائه.
ويوجه فرع الأمن العسكري لذوي المرتزقة تهمة التعامل وحيازة عملة أجنبية، حيث يتم تهديدهم بإحالتهم إلى محكمة اقتصادية ومقاضاتهم لمخالفة “المرسوم الرئاسي الصادر مطلع العام 2020″، والذي يجرم التعامل بالعملات الأجنبية والمعادن الثمينة في التبادلات التجارية.
وأكّد بعض من اعتقلهم الأمن العسكري أنّ ضباط الفرع عرضوا بعد التحقيق معهم وتجريمهم بحيازة الدولار الأمريكي إما دفع رشوى تصل لـ10 آلاف دولار أمريكي إضافة للمبلغ المصادر، أو تحويلهم للقضاء المختص، ما يعرضهم للسجن لمدة تتراوح بين 3 و6 سنوات و”هو الخيار الذي رفضه جميع الموقوفين”.
وقد عثرت قوات اﻷمن على مبالغ مالية بالدولار الأمريكي، لدى جميع من جرى اعتقالهم، وهي رواتب المرتزقة المجندين لصالح القوات الروسية في ليبيا، وفقاً للمصدر نفسه.
وتنص العقود المبرمة بين المرتزقة والقوات الروسية على تسليمهم رواتبهم بالدولار الأمريكي، وتتيح لهم توكيل أحد أقاربهم لاستلامها في سوريا كل ثلاثة أو أربعة أشهر.
وـكدت المصادر أنّ مكاتب الأمن العسكري التي كانت وسيطاً في تنظيم تلك العقود هي ذاتها من يقوم بتسليم الرواتب للشخص الذي فوّضه المقاتل، مضيفة أنّ فرع الأمن العسكري يبدأ بملاحقة الوكيل من لحظة تسلمه للراتب.
وبحسب الموقع تجري ملاحقة الأشخاص وتتبعهم لعدة أيام أو أسابيع لكشف الأشخاص الذين يعملون بتصريف العملات الأجنبية بصورة قانونية، كما يتم التجسس على اتصالات وكلاء المقاتلين لجمع معلومات أكثر عن حركة العملة الأجنبية في السوق السوداء.
وقالت زوجة إحدى المقاتلين إنها اعتقلت لمدة أسبوعين لدى فرع الأمن العسكري في دمشق بتهمة حيازتها لمبلغ 4000 دولار أمريكي، مؤكدة أنّ المبلغ هو راتب زوجها الذي ذهب للقتال في ليبيا عن طريق الأمن العسكري.
وأوضحت المرأة المقيمة في مدينة جرمانا أنّ التحقيق معها تركّز بشكل أكبر حول الأشخاص الذين يقومون بتصريف المبالغ لها إلى الليرة السورية في السوق السوداء التي يصل فرق الأسعار فيها بزيادة 20% عن أسعار العملات التي يصدرها المصرف المركزي.
وطالت الاعتقالات تجار جملة وصاغة وأصحاب مكاتب عقارية ومكاتب سيارات وآخرين ممن يعملون في مجال الصرافة بالسوق السوداء وقام الأمن العسكري بكشفهم من خلال تتبع ذوي المرتزقة، وفقاً للمصادر.
وقال أحد تجار المواد الغذائية في ريف دمشق إن فرع الأمن العسكري اعتقله بعد تصريفه لمبالغ صغيرة لشبان يعملون كمقاتلين إلى جانب القوات الروسية في ليبيا.
وأضاف أنه واجه تهماً كالإخلال بالاقتصاد المحلي والمساهمة في تدهور قيمة الليرة السورية وحيازة عملة أجنبية محظورة والإتجار بالمخدرات وتهماً أخرى وأعمالاً لم يرتكبها.
وأشار إلى أنّ عائلته تواصلت مع ضباط في فرع الأمن العسكري بغرض السؤال عنه ومعرفة أسباب اعتقاله ومحاولة إطلاق سراحه، مضيفاً أنّ مفاوضات بدأت بطلب الضباط لمبلغ 50 ألف دولار أمريكي مقابل إغلاق ملفه وإخراجه، وانتهت بدفع 40 ألف دولار ليطلق سراحه بعد أقل 24 ساعة، حسب الموقع.
وتراوحت قيمة المبالغ التي دفعها كلٌ من العاملين في السوق السوداء ممن اعتقلهم الأمن العسكري كرشوى مقابل الإفراج عنهم بين 25 و75 ألف دولار أمريكي، حسب القدرة المالية وحجم عمل كلٌ منهم.
وكانت روسيا قد جندت مطلع العام 2020 مئات الشبان من دمشق وريفها والسويداء والساحل، ضمن عقود لثلاثة أو ستة أشهر قابلة للتجديد وبأجور تتراوح رواتب المرتزقة بين 800 و1000 دولار أمريكي للمقاتل الواحد، كما استقدمت المئات مؤخراً للقتال في أوكرانيا.