خاص | حلب اليوم
شهد عام 2023 الماضي، ارتفاعاً متزايداً في تسجيل جرائم القتل، في مناطق سيطرة سلطة الأسد، وتحديداً في العاصمة السورية “دمشق“، جلّهم بسبب السرقة والخلافات الشخصية، وسط غياب شبه تام للقانون.
واللافت من جميع الجرائم التي وثّقها موقع “حلب اليوم” في مناطق سيطرة سلطة الأسد، هو الانتشار المتزايد للأسلحة في أيدي المدنيين، وتحوّله لـ”ظاهرة”، مما يرسخ واقع الفلتان الأمني وغياب دور الأجهزة الأمنية.
وفي آخر جرائم القتل التي وثّقتها مراسلتنا في دمشق، هي إقدام شاب يافع على قتل صديقه بالرصاص في حي “جرمانا” وسط دمشق، بسبب خلاف مادي، منتصف شهر كانون الأول الماضي، سبقها بأيام قليلة، إقدام مجموعة مسلحة على قتل سيدة وابنتها الرضيعة، بريف حمص الغربي، لأسباب مجهولة، وفقاً لما وثّقه مراسلنا في حمص.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، رصد موقع “حلب اليوم” مقتل سيدة يافعة “خنفاً” على يد والدها في مدينة السويداء، في 22 من كانون الأول العام الماضي، وذلك لأسباب لم تعرف حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وفي الساحل السوري أيضاً، سجلت مدينة اللاذقية نهاية العام الماضي، مشاجرة في حي الرمل الشمالي تحديداً، بين عدد من الشباب، إذ أقدم والد أحدهم على إطلاق النار باتجاه ثلاثة شبان، ممّا أدّى وقتئذٍ إلى مقتل شاب وإصابة إثنين بجروح خطرة.
ومع غياب الإحصاءات الرسمية عن عدد الجرائم المرتكبة خلال العام الماضي، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى مصدر مهم في توثيق الجرائم والإبلاغ عنها، ومنها صفحة وزارة داخلية سلطة الأسد التي تنشط على منصتي “فيسبوك وتلغرام”.
يرى الخبير الاجتماعي “جميل العفان”، أن كثرة الجرائم في مناطق سلطة الأسد تعود إلى أسباب عدّة؛ لعلّ أبرزها؛ سوء الوضع المعيشي، والانهيار الاقتصادي التي تعيشه مناطق سلطة الأسد”.
وأشار إلى أن أبرز الأسباب وراء هذه الجرائم وانتشار الفوضى، هو تسيّد حاملي السلاح في مناطق سلطة الأسد على السكان العاديين، والذي انعكس سلباً على الشبان على وجه الخصوص، الذين باتوا ينظرون إليهم على أنهم “أبطال”، بسبب حصولهم على تسهيلات لا يحصل عليها المواطن العادي، الأمر الذي عزّز فكرة الارتقاء بالعنف لدى الشبان وحملهم للسلاح تشبهاً بهم.
واعتبر “العفان” خلال حديثه لـ”حلب اليوم” أن غياب أفق الحل وانشغال الأجهزة الأمنية في التضييق على السكان، هي عامل هام في تحوّل الشخص السليم إلى شخص عدواني.
ووافق الناشط المدني “محمد شاكردي” ما رواه “عفان” بخصوص أسباب ارتفاع معدلات الجريمة، ولكنه أوضح في حديثه مع “حلب اليوم” أن العديد من السكان في مناطق سلطة الأسد أجبرهم الفقر وانعدام سبل الحصول على قوت يومهم بطريقة شرعية، على خلق ظواهر اجتماعية غير مسبوقة في البلاد، وهي القتل مقابل الحصول على المال، أو إظهار ردود أفعال مخيفة لأي حادثة قد تتعرض لها عائلته أو حياته الشخصية، بسبب ضائقته الاقتصادية التي يعيشها منذ سنوات.
ورجح “شاكردي” أن يكون انتشار الحبوب المخدرة في أيدي السكان عاملاً مهماً في ارتفاع مستوى الجريمة في مناكق سلطة الأسد.
وتابع قائلاً: “جميعنا نعلم أن سلطة الأسد هي المصدرة الأولى عالمياً للمخدرات حوّل العالم؛ فمن الطبيعي أن تنتشر هذه الحبوب بين الشبان، فعملياً وبمجرد أن يغرق الشاب في مستنقع هذه الحبوب والإدمان عليها، يكون مستعداً لارتكاب أي جريمة في سبيل تأمين ثمن جرعته أو الحبوب التي يتعاطاها.
من جهته، يقول الشاب “فريد.أ” وهو اسم مستعار لشاب يعيش في حي “جديدة عرطوز” بدمشق لـ”حلب اليوم”، إن الأهالي في العاصمة دمشق وباقي المحافظات الخاضعة لسلطة الأسد، باتوا يخشون تعرضهم للسطو حتى داخل منازلهم في أي لحظة”.
وأوضح الشاب -الذي رفض كشف اسمه لأسباب تتعلق بسلامته- أن عصابات السرقة باتت تنتشر بشكل يومي على الطرقات العامة، مضيفاً أن جُل السكان باتوا يشعرون بأن كل ما يملكونه بات هدفاً مستباحاً للصوص في أي وقت.
وتعاني مناطق سلطة الأسد من أوضاع اقتصادية صعبة، مع فقدان الليرة السورية قيمتها، تزامناً مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والوقود وأساسيات الحياة.
ومنذ عام 2021 تعتبر سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عالياً، إذ تم تسجيل 67.86 نقطة (من أصل 120)، بحسب موقع (Numbeo)، المتخصّص بمراقبة مستوى المعيشة عالمياً عام 2021.
وتقع سوريا في المرتبة قبل الأخيرة (162 من أصل 163) على مؤشر السلام العالمي في ذات العام، الذي أصدرته منظمة (Vision Of Humanity).