خاص | حلب اليوم
مع اقتراب موعد الامتحانات النصفية في مناطق سيطرة سلطة الأسد، والذي تمّ تحديده من قبل وزارة التربية التابعة لها، بتاريخ 26 كانون الثاني الشهر المقبل، بدأت رحلة طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية على حدّ سواء بالبحث عن المعاهد التعليمة الخاصة بما يتوافق مع مقدرات ذويهم المالية بعد غياب الكفاءات عن كوادر القطاع التعليمي بالمدارس الحكومية.
يقول مراسل “حلب اليوم” في حمص، إن المعاهد الخاصة باتت مقصداً رئيسياً للطلاب الراغبين باستكمال تحصيلهم العلمي على الرغم من الأجور العالية التي تفرضها إدارة المعاهد التي استغلت بدورها غياب الكفاءات من المدارس العامة، وبات لهم الباع الأكبر بسير العملية التعليمية لطلاب المرحلتين الثانوية والإعدادية على سبيل الخصوص.
وأشار مراسلنا إلى أن مدينة حمص باتت تغصّ بالعديد من المعاهد الخاصة بكلفة تراوحت ما بين مليون ونصف المليون وصولاً إلى خمسة ملايين لمنهاج الثالث الإعدادي (البكالوريا) بالوقت الذي تراوحت تكلفة دورات مرحلة الشهادة الإعدادية ما بين مليون ومليون نصف المليون ليرة سورية.
لا خيار أمام الطلاب!
يروي الطالب “سامح العلي” من سكان حي الإنشاءات بمدينة حمص لـ”حلب اليوم” قائلا: إن تراجع سير العملية التعليمية ضمن مدارس سلطة الأسد لم تدع لنا خياراً سوى الالتحاق بالمعاهد الخاصة، وذلك بعدما هروب كثيرمن المدرسين من سوريا نظرا للأوضاع الأمنية بالدرجة الأولى، وبحثاً عن حياة كريمة في الخارج توفر لهم مستقبل أفضل مما هو عليه الحال داخل البلاد.
وأكّد على أن عائلته التي تعمل بالتجارة توفر له جميع متطلباته كطالب بالمرحلة الثانوية، إلا أنه على معرفة بعدّة طلاب كانوا من الأوائل في مدرسته إلا أن ضعف مقدراتهم المالية لم تتح لهم فرصة الالتحاق بالمعاهد الخاصة، الأمر الذي سيقضي على مستقبلهم بكل تأكيد في حال استمروا بالجلوس على مقاعد المدارس العامة.
ونقل مراسلنا أيضاً على لسان الطالب “محمد.س” والذي اضطره الواقع المعيشي الصعب الذي تعاني منه أسرته للتخلي عن المقاعد الدراسية بالقول: “لقد بات التعليم في سوريا ولا سيما المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، حكراً على الأغنياء فقط، بينما أُجبر من تبقى على البحث عن مهنة يعيلون بها ذويهم تاركين أحلامهم بين ركام التعليم المتهاوي.
ووصف الطالب “محمد” القائمين على المعاهد الخاصة بـ”الجشعين” الذين باتوا يتخذون من التعليم مهنة لكسب الأموال بعيداً كل البعد عن الرسالة السامية للعلاقة بين الطالب ومعلمه.
سلطة الأسد هي السبب
من جهته بيّن المدرس “غسان.ج” المتعاقد مع أحد المعاهد الخاصة لـ”حلب اليوم” أنه كان بصدد الهجرة خارج سوريا إلا أن الاتفاق الذي توصّل إليه مع إدارة المعهد دفعته لإعادة التفكير بالموضوع.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن التعليم هو رسالة سامية، لكن على الرغم من ذلك، فإن المدرس يحتاج إلى تأمين حياته ومتطلبات أسرته بالتالي فإن الراتب الذي كان يتقاضاه من مديرية التربية والذي لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية (بمعدل 15 دولار أمريكي) بالشهر، لا يكاد يكفي لمصروف يوم واحد.
واسترسل قائلاً: “كل من قام بالهجرة أو هرب خارج سوريا بحثاً عن حياة أفضل؛ لا يمكننا إلقاء اللوم عليه، بل إن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على كاهل حكومة سلطة الأسد التي جعلت من القطاع التعليمي أخر اهتماماتها منذ اندلاع الحرب في سوريا.
وأوضح أن هذا الإهمال نتج عنه تدهور سير العملية التعليمية بشكل غير مسبوق، ما أدّى لفشلها، وتسرب الطلاب بعد عجز ذويهم عن تأمين مستلزماتهم، ناهيك عن مسألة هجرة الكفاءات وهربها خارج سوريا وهو أمر مشروع لكل من يسعى لمستقبل أفضل، بحسب تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن سوريا كانت من بين الدول الست الذين تم إقصائهم من التصنيف العالمي لجودة التعليم الذي يصدر عادة عن المنتدى العالمي في دافوس خلال العام 2021 جنباً إلى جنب مع دول كل من ليبيا والسودان والصومال واليمن والعراق، بينما أظهر تصنيف ويبوماتريكس مطلع العام الجاري أن جامعة دمشق احتلت ترتيب 3511 عالمياً، مشيرة في ذات التصنيف إلى أن عدد الطلاب الجامعيين بلغ خلال عام 2022 – 350 ألف طالب من بينهم 50 ألف خريج جامعي، نسبة العاطلين منهم عن العمل وصلت إلى 70% وفقاً لذات التصنيف.