خاص | حلب اليوم
تشهد منطقتا إدلب وعفرين شمال غربي سوريا، حشودا عسكرية ضخمة من قبل “هيئة تحرير الشام” من جهة، وتجمع “القوة المشتركة” من جهة أخرى، أسفرت عن إغلاق المعبر الواصل بين المنطقتين “الغزاوية”، وتجمع آلاف السيارات للمدنيين من الجهتين وازدحاماً غير مسبوق.
والقوة المشتركة هي تحالف بين فرقة السلطان سليمان شاه المعروف بإسم “العمشات” والذي يقودها “محمد جاسم أبو عمشة”، وفصيل فرقة الحمزة المعروفة باسم “الحمزات” والتي يقودها “سيف بولاد”، في وقتٍ تنخرط الفرقتين ضمن صفوف الفيلق الثاني من الجيش الوطني السوري.
ماذا يجري؟
في مساء أول أمس السبت 23 كانون الأول، أقدمت “القوة المشتركة” على تعزيز مواقعها بالكامل في بلدتي “الباسوطة – والغزاوية” شمالي حلب، إثر تحصلهم على معلومات تؤكد عن وجود مساعي لهيئة تحرير الشام بالدخول منطقة “غصن الزيتون”، لمهاجمة القوات التي ساعدت “جهاد عيسى الشيخ” (أبو أحمد زكور) المنشق حديثاً على الفرار وتوصيله إلى يد القوات التركية.
وخلال الساعات الأولى من استنفار “القوة المشتركة” على حدود “غصن الزيتون” بدأت تحرير الشام بحشد قواتها على معبر الغزاوية، إذ تضمنت الحشودات سيارات عسكرية محمّلة بالرشاشات المتوسطة، وتجمع مئات العناصر استعداداً لمواجهة عسكرية.
وبدأت تنتشر الأنباء على أن تحرير الشام ستهاجم القوة المشتركة، ردّاً على تدخلها بمساعدة “زكور” على الهرب وتسليمه للقوات التركية.
وترافقت تلك التعزيزات مع نشر “محمد الجاسم” منشوراً له على حسابه في موقع “X” تضمنت صورةً متحركة لعلم “الهواشم”، في إشارة إلى انتمائه إلى “بني هاشم” الذي يفتخر “أبو أحمد زكور” بأن نسبه يعود إليهم.
إغلاق معبر الغزاوية
وعلى إثر التعزيزات، ذكرت مصادر مطلعة لموقع “حلب اليوم” أن القوات التركية أوعزت للجيش الوطني، بإغلاق معبر “الغزاوية ودير بلوط” شمالي حلب أمام حركة المرور، اللذان يربطان مناطق هيئة تحرير الشام مع مناطق غصن الزيتون بريف حلب، ما تسبب بازدحام ووقوف مئات السيارات أمام المعبرين من الجهتين، لتعاود القوات التركية بإيعازهم بفتح المعبرين صباح اليوم الاثنين 25 كانون الأول.
وفي سياق ذلك، استنفرت القوات التركية في قواعدها العسكرية المنتشرة بمناطق (غصن الزيتون ودرع الفرات)، بالتوازي مع استنفار عام للقوة المشتركة من فرقتي الحمزة والسلطان سليمان شاه في ريف حلب.
مطامع الجولاني!
من جهته، رأى حساب “سيف الشمال” على تطبيق “تلغرام” (ويعود الحساب لناشط سوري ضد الجولاني)، أن الأسباب التي دفعت الطرفين للاستنفار، هي فشل مخطط الجولاني باعتقال “زكور” وسوقه إلى إدلب، الأمر الذي تسبب في تخبط ظاهر إلى العلن في صفوف تحرير الشام، ما دفعه للقيام بعمل عسكري محدود، هدفه السيطرة على “جبل الأحلام والباسوطة” كمرحلة أولى.
وأوضح أن الجولاني أقدم خلال الأيام القليلة الماضية على استطلاع جبل الأحلام والباسوطة، وتعيين المدعو “أبو بكر مهين” و”مختار التركي” قائدين للعمل العسكري.
ولفت إلى أن تحرير الشام وضعت خطة للمعركة ستقام على محورين؛ “المحور الأول” وهو الرئيسي للعمل هو محور باصوفان، و”الثاني” محور أشغال وهو محور الباسوطة، مشيرا إلى أن الجولاني طلب من المدعو القائد العسكري “أحمد رزق” العامل في تجمع الشهباء السيطرة على قطاعات الحمزات بالقرب من بلدة جنديرس بريف منطقة عفرين شمالي حلب.
من التحالف إلى العداء!
ووفق وثائق حصلت عليها “حلب اليوم”، فإنه منذ مطلع العام الماضي، تحالفت فرقة “السلطان سليمان شاه” (العمشات) مع “هيئة تحرير الشام” سراً، أسفر هذا التحالف إلى تسليم العمشات أكثر من 20 نقطة عسكرية على خطوط التماس مع سلطة الأسد امتداداً من ريف حلب الغربي إلى منطقة “جبل الزاوية” جنوبي إدلب، إذ تم تعزيز هذه النقاط بكافة أنواع الأسلحة.
وبحسب المصادر، أنه وبعد مضي عام كامل على هذا التحالف بدأت تحرير الشام بإبعاد هذه النقاط إلى الخطوط الخلفية وحصر عملهم على حراسة النقاط التركية، وتهميش دورهم على الجبهات، على إثر استهداف “العمشات” لتجمعات عسكرية لقوات الأسد دون مشورة غرفة عمليات الفتح المبين التابعة لتحرير الشام.
وأشارت إلى أن هذا التهميش أسفر مع منتصف العام الجاري 2023 إلى انسحاب فرقة “العمشات” من النقاط العسكرية في إدلب وعودتها إلى منطقة “غضن الزيتون”، الأمر الذي أدّى إلى خلافٍ بين “أبو عمشة والجولاني”.
وعزّز هذا الخلاف الفضائح التي سربها المنشق “أبو أحمد زكور” عن الجولاني، منتصف الشهر الجاري، والذي دفع “العمشات” وفصيل “الحمزات” اللذان يعملان في تجمع واحد، لمواجهة “الجولاني” وردّ أي انتهاك له يُسجل خارج منطقة إدلب.
ويرى ناشط إعلامي من منطقة إدلب فضّل عدم ذكره لأسباب أمنية، أن هناك تغييرات جذرية قد تطرأ على بنية المكونات العسكرية المتحالفة مع “الجولاني” شمالي حلب، بعد تمكين نفوذ “أبو أحمد زكور” الذي ظهر بأنه يتمتع بحماية تركية واضحة، وهو الذي يملك النفوذ والحضور الواسع في المنطقة، لإعادة ترتيب الاصطفاف العسكري المناوئ للجولاني هناك، وهو ما يخشاه الأخير.
وسبق أن نفذت “هيئة تحرير الشام” سلسلة عمليات أمنية شمالي حلب، منها عمليات خطف طالت مؤخراً “المحامي عصام الخطيب و الشيخ أبو شعيب المصري”، علاوة عن سلسلة حملات أمنية ضد مكونات عسكرية من الجيش الوطني، في محاولة إخضاعها لسيطرته بعد اختراقها وتفكيك بنيتها.
وأوضح الناشط أثناء حديثه لـ”حلب اليوم” أن “الجولاني” يعاني من داء العظمة، كما يعتقد أنه الرجل الذي يستطيع إدارة المناطق المحررة شمال سوريا أمنياً وعسكرياً، وتقديم نفسه للدول الغربية أنه قيادي معتدل قادر على ضبط المنطقة وتنظيمها، في وقت يبقى النظام وتحرير المناطق التي خسرتها الثورة آخر اهتماماته.