أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استمرار عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب على نطاق واسع في سوريا، خصوصاً في سجون سلطة اﻷسد، وذلك خلال شهر تشرين الثاني/ أكتوبر المنصرم.
وأحصى تقرير الشبكة الصادر أمس السبت، وقوع ما لا يقل عن 221 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي بينهم 19 طفلاً و14 سيدة؛ تمَّ توثيقها في تشرين الثاني 2023.
وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أنها تمكنت من رفع حصيلة المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 15/ تشرين الثاني/ 2023 إلى 135 ألفاً.
ولا يشتمل التقرير على حالات الخطف التي لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها، حيث سَجَّل عمليات الاعتقال التعسفي التي تحولت إلى اختفاء قسري، مؤكداً وقوف سلطة اﻷسد خلف النسبة اﻷعظم منها.
وكانت سلطة اﻷسد قد أصدرت القانون رقم 16 لعام 2022 الخاص بـ”تجريم التعذيب” والذي اعتبرها “جناية تستوجب عقوبةً شديدةً لمرتكبها أو لمن شارك فيها أو لمن حرَّض عليها أيضاً”، لكن ذلك لم يحل دون استمرار الانتهاكات، فيما يؤكد تقرير الشبكة وجود منظومة كاملة للتعذيب، وأن القانون سيبقى “حبراً على ورق”.
وأفضت كافة “مراسيم العفو” للإفراج عن 7351 معتقلاً بشكل تعسفي، بينما ما زال لدى سلطة اﻷسد قرابة 135253 معتقلاً/مختفٍ قسرياً، كما أنَّ تلك المراسيم لا تفرج إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما “عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع ومستمر”.
وسجلت الشبكة عمليات اعتقال قامت بها قوات اﻷسد في محافظة حلب، خلال الشهر الفائت، استهدفت عشرات المدنيين ولم تستثنِ النساء منهم لدى مرورهم على نقاط تفتيش تابعة لها أثناء توجههم من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات قسد إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.
كما سجلت عمليات اعتقال قام بها عناصر الفرقة الرابعة التابعة وعناصر تنتمي لميليشيات تتبع لقوات اﻷسد، استهدفت عدداً من المدنيين أثناء محاولتهم الدخول إلى منطقة الحجر الأسود بمدينة دمشق، لتفقد منازلهم التي نزحوا عنها في وقتٍ سابق.
وأشار التقرير إلى أن سلطة اﻷسد تفرض على سكان منطقة الحجر الأسود الحصول على موافقة للسماح لهم بتفقد ممتلكاتهم أو العودة إليها عبر تقديم طلبات رسمية تثبت ملكيتهم إلى مجلس محافظة دمشق أو مفرزة الأمن العسكري في المنطقة.
كما رصد عمليات اعتقال عشوائية قام بها عناصر قوات الأسد بحق مواطنين في محافظات حماة ودمشق وحمص وريف دمشق، بذريعة حملهم هواتف غير مجمركة وذلك بهدف ابتزازهم مادياً، وعمليات اعتقال استهدفت مدنيين بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية في معظم المحافظات السورية.
من جهةٍ أخرى سجل التقرير استمرار “قوات سوريا الديمقراطية” في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، وارتفاعاً في حصيلة حالات الاحتجاز والاختفاء القسري لديها، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم الدولة، بعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي.
كما رصدت الشبكة عمليات احتجاز استهدفت مدنيين بذريعة مشاركتهم في المعارك الدائرة بينها وبين قوات العشائر العربية بمحافظة دير الزور، ورافقت عمليات الاعتقال/ الاحتجاز سرقة محتويات بعض منازل المحتجزين، كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة منبج وقراها بمحافظة حلب.
وسجل التقرير استمرار قيام “قوات سوريا الديمقراطية” باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
كما شهدَ تشرين الثاني عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام و”جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني” بحق مدنيين – طبقاً للتقرير – الذي أكد أن الانتقال السياسي هو الحل، حيث أن “قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة”.
يذكر أن مجلس اﻷمن أصدر سابقاً القرارات رقم 2042 و2043، و2139، الخاصة بقضية المعتقلين واﻷسرى والمختفين قسرياً، لكنها بقيت بدون آليات تنفيذية.