يشكو سوريون في الدول اﻷوروبية من تصاعد مشاعر الكراهية ضدّهم عقب الحرب اﻷخيرة على غزة، وما صاحبها من ضخّ إعلامي يهدف إلى التحريض ضدّ العرب والمسلمين.
وسلطت وكالة “رويترز” الضوء على أوضاع بعض السوريين في دول اللجوء اﻷوروبية حيث تفاقمت معاناتهم خلال اﻷسابيع الماضية.
وقال جيان عمر، عضو البرلمان في برلين وهو من أصول كردية سورية، للوكالة إنه “لا يحظى بحماية الشرطة بعد استهدافه بمنشورات مليئة بالكراهية وممزوجة بالزجاج والبراز، ونافذة مكسورة واعتداء بمطرقة”، موضحاً أن ذلك كلّه حدث منذ بداية الحرب.
ونقل تقرير الوكالة عن “أكثر من 30 من زعماء المجتمع المحلي والمناصرين الذين استشارتهم” أن الحوادث الثلاثة التي وقعت في مكتب عمر الانتخابي تشكل جزءاً من العداء المتزايد للمسلمين في أوروبا والذي “أججه السياسيون في بعض الأحيان” منذ عملية “طوفان اﻷقصى”.
كما أكد هؤلاء أن حوادث أخرى لم يتم الإبلاغ عنها بسبب ضعف الثقة في الشرطة، وهو ما يشير إليه عمر بالقول: “أشعر بأني وحيد حقا، وإذا لم يكن من الممكن حماية شخص يتمتع بوضع مسؤول منتخب، فكيف يجب أن يشعر الآخرون؟”، مضيفاً أن الشرطة تحقق في الأمر لكنها أخبرته بأنها لا تستطيع توفير المزيد من الأمن في مقره.
وتابع: “تخيل لو تعرض سياسي ألماني أبيض لهجوم من مهاجر أو لاجئ”، في إشارة إلى أن قوات الأمن ستفعل المزيد في مثل هذه الحالات.
وكانت جرائم الكراهية قد زادت بشكل كبير في أوروبا منذ السابع من أكتوبر، كما ارتفعت ما تسمى “الحوادث المعادية للسامية” المسجلة بنسبة 1240 في المئة في لندن، وشهدت ارتفاعات حادة في فرنسا وألمانيا؛ وفقاً لرويترز.
كما تؤكد اﻷرقام الرسمية وجود زيادة ملحوظة في الحوادث المعادية للمسلمين في بريطانيا، وهي متفاوتة بالنسبة إلى البلدين الآخرين، مع أن البيانات لا تصور بشكل كامل مدى الهجمات والعداء ضد الأفراد والمساجد، بمن في ذلك أطفال تم استهدافهم في المدارس.
وقالت زارا محمد، الأمينة العامة للمجلس الإسلامي في بريطانيا، إن “اللغة التي تستخدمها الحكومة، مثل وصف الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين بأنها “مسيرات كراهية”، جعلت الحرب ضد معاداة السامية ومن أجل حقوق المسلمين أو الفلسطينيين لعبة محصلتها صفر في ذهن الكثير من الناس”.
وأضافت: “لقد كان الوزراء متهورين حقا، وهذا الترويج للحروب الثقافية وتحريض المجتمعات على بعضها البعض غير مفيدين حقيقة، وهو أمر مثير للانقسام وخطير للغاية”.
وقد تفاقم شعور المسلمين الأوروبيين بالضعف مع الفوز الانتخابي الذي حققه الهولندي الشعبوي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز الأسبوع الماضي، والذي دعا في السابق إلى حظر المساجد والقرآن في هولندا، وفي الولايات المتحدة وقعت أعمال عنف مميتة ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر.
وفي مسجد ابن باديس في نانتير بباريس يخشى المصلون كبار السن حضور صلاة الفجر في الظلام، حسب ما قاله اثنان من المصلين هناك، وذلك بعد تهديد كتابي بإحراق المسجد في أواخر أكتوبر من متعاطف مع اليمين المتطرف.
وقال رشيد عبدوني، رئيس الجمعية المشرفة على المسجد، إن طلب توفير حماية إضافية من الشرطة لم تتم تلبيته، وقالت الشرطة المحلية إنها تقوم بدوريات في المنطقة لكن مواردها قليلة.
من جانبه قال سائق سيارة أجرة فرنسي – مغربي يدعى خليل ربعون (42 عاما) خارج المسجد بعد صلاة الجمعة “لا أريد أن تكبر ابنتي في هذا المناخ”.
وينظم ناشطون حملة “تِل ماما”، أو “أخبر ماما”، ويقولون إن محاولات الحرق المتعمد والإساءة اللفظية والتخريب وترك رأس خنزير في موقع مسجد كانت من بين أكثر من 700 تقرير عن حوادث معادية للإسلام في بريطانيا في الشهر التالي لهجوم حماس، بزيادة سبعة أضعاف عن الشهر السابق.
وأكد عبدالله ذكري، نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، أن المجلس تلقى 42 رسالة تنطوي على تهديدات أو إهانات في الفترة ما بين السابع من أكتوبر ونوفمبر، لكنه لم يبلغ عن أي منها، وسط موجة من رسائل الكراهية والكتابات العنصرية على المساجد.
وأضاف: “أغلب المسلمين لا يقدمون شكوى عندما يقعون ضحايا لمثل هذه الأفعال. حتى أئمة المساجد لا يريدون ذلك. فهم لا يريدون قضاء ساعتين أو أكثر في مركز الشرطة لتقديم شكوى غالبا ما سيتم حفظها في النهاية”.
وفي ألمانيا تقول ريما هنانو من منظمة “كليم” غير الحكومية إن الشرطة لا تسجل أيضا في الكثير من الأحيان الجرائم المعادية للإسلام تحت هذه التسمية “بسبب نقص الوعي”، فعلى سبيل المثال يتم تسجيل الهجمات على المساجد أحيانا على أنها ببساطة إضرار بالممتلكات.