كشف تقرير أعده مركز جسور للدراسات تفاصيل خريطة مواقع القوى الخارجية جنوب سوريا، في إيضاح لمدى النفوذ الخارجي وخاصة الإيراني على القرار السياسي والميداني في هذه “المنطقة الحسّاسة والمهمة جيوسياسياً”.
وبحسب التقرير؛ ينتشر في محافظات الجنوب السوري (درعا والسويداء والقنيطرة) 91 موقعاً للقوى الخارجية (49 موقعاً في درعا، و15 موقعاً في السويداء، و27 موقعاً في القنيطرة). للقوات الروسية 9 مواقع فقط (6 مواقع في درعا و3 مواقع في السويداء ولا يوجد أي موقع في القنيطرة).
وتنتشر الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية في المواقع العسكرية الروسية، وهي تقوم بدوريات تفتيش وإشراف وَفْق تسوية عام 2018، إلى جانب نشاط آخر يتمثل بعمليات التجنيد التي تقوم بها الشركات الأمنية الروسية المرتبطة بوزارة الدفاع مثل شركة الصياد.
ويوجد للقوات الإيرانية 82 موقعاً (43 موقعاً في درعا، و12 موقعاً في السويداء، و27 موقعاً في القنيطرة)، وتنتشر في المواقع العسكرية الإيرانية قوات متعددة الجنسيات بقيادة الحرس الثوري الإيراني، ومجموعات حزب الله اللبناني، وتعتمد الجهتان على تجنيد العناصر المحلية في المنطقة ضِمن صفوفهما.
وتتنوع مهامّ القوات الإيرانية – بحسب التقرير – بين دعم قوات اﻷسد، وحماية مستودعات السلاح والذخيرة ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية في المنطقة، وتنفيذ عمليات الاستطلاع والتجسس على القوات الإسرائيلية في الجولان، والقيام بعمليات تهريب الأسلحة والذخائر والمخدرات إلى الأردن ومنها إلى دول الخليج.
وأوضح المركز أن القوى الخارجية الروسية و الإيرانية تستفيد من نفوذها جنوب سوريا ضِمن أهمية المنطقة في الأمن الإقليمي، وفي الوقت الذي تُقدِّم فيه روسيا نفسها ضامناً للأمن والاستقرار والحدّ من النفوذ الإيراني ومخاطره، تُقدِّم إيران نفسها أنها المتحكم ميدانياً بحجم نفوذ كبير، وطبيعة انتشار واسع، وكِلا الطرفين الروسي والإيراني يستخدم ضمان استمرار الاستقرار أو التهديد بالفوضى في مفاوضاته مع دول المنطقة وأهمها إسرائيل والأردن ودول الخليج العربي.
وتخلص القراءة التحليلية لهذه الخرائط إلى أن “النفوذ الروسي جنوب سوريا يزداد حضوراً وينقص بحسب العلاقة الروسية مع إسرائيل المتأثرة بالحرب الروسية على أوكرانيا، وهذا الوجود الروسي العسكري يقدم نفسه للقوى الإقليمية -وفي مقدمتها إسرائيل- على أنه ضامن للاستقرار والحد من النفوذ الإيراني، وبالتالي يتراجع هذا الدور الروسي في سياق الضغط على إسرائيل، ومن ورائها الولايات المتحدة، لكن لا يتوقع أن ينسحب الوجود الروسي بشكل كامل من جنوب سوريا، ومن هذا تموضع الوسيط بين الفاعلين المحليين في المنطقة وبين الفاعلين الخارجيين فيها وفي محيطها”.
في المقابل “يتوسّع النفوذ الإيراني جنوب سوريا مستفيداً من تراجُع الدور الروسي، سواء بانشغال الروس في أوكرانيا أو بتراجُع حضورهم بعد سوء علاقاتهم مع إسرائيل، وتعمد القوات الإيرانية إلى إعادة التموضع والانتشار في محافظات جنوب سورية تجنُّباً للاستهداف الإسرائيلي، كما أنها توسع دائرة تجنيد المجموعات المحلية في المنطقة ليكونوا جزءاً من قواتها في الحرس الثوري وحزب الله، فضلاً عما لا يظهر في الخريطة من المجموعات العسكرية أو القوات الأمنية التابعة للنظام، وهي موالية للمشروع الإيراني أو تعمل معه بناء على تقاطُع المصالح بينهما، مثل الفرقة الرابعة في جيش النظام، ومجموعات الأمن العسكري والمخابرات الجوية”.