كشفت صور ملتقطة باﻷقمار الصناعية عن وجود مئات من الحصون الرومانية القديمة في كلّ من سوريا والعراق، مما أسهم في فهم أكثر عمقاً لتلك للإمبراطورية القديمة.
وأكد موقع “فيز دوت أورغ” أن الأقمار الصناعية أماطت اللثام عن 396 حصن روماني غير مكتشف سابقاً بالمنطقة، حيث استخدم علماء الآثار صور الأقمار الصناعية التجسسية التي رفعت عنها السرية من الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بحسب ما ترجمه موقع “الجزيرة نت”.
ويقوم العلماء بعملية إعادة تقييم واحد من أول المسوح الأثرية الجوية على الإطلاق، ونشر الفريق الذي قاده باحثون من كلية دارتموث بالولايات المتحدة نتائج كشفهم في دورية “أنتيكويتي”، فيما قال بيان صحفي صادر عن الكلية إن قصة تلك الحصون ترجع إلى ما قبل ألفي عام، عندما قامت الإمبراطورية الرومانية ببناء الحصون عبر شمال الهلال الخصيب، الممتد مما يعرف الآن بغرب سوريا إلى شمال غرب العراق.
وأوضح المصدر أن الكشف الأول كان قبل 100 عام في عشرينيات القرن الماضي، حيث تم توثيق 116 حصناً منها في المنطقة من قبل أنطوان بويدبارد، وهو مبشر يسوعي كان قد أجرى واحداً من أول المسوح الجوية في العالم باستخدام طائرة ذات سطحين من حقبة الحرب العالمية الأولى.
وذكر بويدبارد أن الحصون شُيدت من الشمال إلى الجنوب لتأسيس الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية، وكان يُعتقد أنها مثلت خط دفاع لحماية المقاطعات الشرقية من الغارات العربية والفارسية، فيما يقول المؤلف الرئيسي للبحث، البروفيسور جيسي كاسانا من كلية دارتموث: “منذ ثلاثينيات القرن العشرين، ناقش المؤرخون وعلماء الآثار الغرض الإستراتيجي أو السياسي لنظام التحصينات هذا، لكن قلة من العلماء شككوا في ملاحظة بويدبارد الأساسية بأن هناك خطًّا للحصون التي تحدد الحدود الرومانية الشرقية”.
واستخدم البروفيسور كاسانا وفريق البحث صور الأقمار الصناعية للتجسس التي رفعت عنها السرية من الحرب الباردة لتقييم ما إذا كانت النتائج التي توصل إليها بويدبارد دقيقة، وقد “شكلت هذه الصور جزءا من أول برامج تجسس عبر الأقمار الصناعية في العالم، وهي صور تحافظ على منظور مجسم عالي الدقة للمناظر الطبيعية التي تأثرت بشدة بالتغيرات في استخدام الأراضي في العصر الحديث”.
وباستخدام الحصون التي عثر عليها بويدبارد كنقطة مرجعية، تمكن الفريق من تحديد 396 قلعة أخرى موزعة على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة من الشرق إلى الغرب، وهو ما لا يدعم الحجة القائلة إن الحصون كانت تشكل جداراً حدوديا بين الشمال والجنوب، وفقاً لما يشير إليه التقرير المنشور على موقع “فيز دوت أورغ”.
ووجد الباحثون أن الحصون بنيت لدعم التجارة بين الأقاليم، وحماية القوافل التي تسافر بين المقاطعات الشرقية والمناطق غير الرومانية، وتسهيل الاتصال بين الشرق والغرب، ما يشير إلى أن “حدود العالم الروماني كانت أقل صرامة وإقصاء مما كان يُعتقد سابقاً، ومن المحتمل أن الحدود الرومانية الشرقية لم تكن مكانا للصراع العنيف المستمر”.