لا يزال الخوف والقلق يحيطان باللاجئين السوريين الذين لم يستطيعوا الانخراط في المجتمع الأردني وسوق العمل بعد كل هذه السنوات من النزوح، فيما يعاني الأردنيون أساساً من الضغوط، وهو الواقع الذي زاده تأزماً قرار منظمات أممية بتقليص المساعدات.
وكانت منظمات أممية أعلنت تقليص مساعداتها للسوريين بسبب أزمة تمويل غير مسبوقة تواجهها، ونقل موقع “العرب” عن الباحث في الاقتصاد السياسي “جوزيف ضاهر” توقعه أن يوظف الأردن قرار تقليص المساعدات الدولية للاجئين في زيادة الضغوط على السوريين لدفعهم إلى العودة لبلادهم مرجحاً استخدامهم “كبش فداء” من قبل الأردن لعرض الصعوبات الاقتصادية التي يواجهانها.
ومع “توقع المزيد من التضييق على اللاجئين”، ستستخدم سلطة اﻷسد تلك الضغوط المتزايدة من دول الجوار في ملف اللاجئين لزيادة التطبيع معها ومع دول أخرى على الصعيد الإقليمي، وفقاً لتحليل ضاهر.
وقال منير الخطيب (60 عاما)، لاجئ سوري منذ 11 عاما، “كنت أتلقى مساعدات بقيمة 200 دولار من المجلس العسكري السوري (باعتباره عسكرياً منشقاً)، وبعد أن توقفت انتقلت للعيش في مخيم الزعتري (أكبر مخيمات اللجوء السوري في الأردن)، ثم خرجت منه في وقت لاحق.. كنا نعيش على كوبون (قسيمة) بمواد غذائية من برنامج الغذاء العالمي، والآن نحن بلا مساعدات”.
وتابع الخطيب: “لا أستبعد أن يكون لوقف المساعدات علاقة بقرار إعادتنا إلى سوريا (..) البعض عاد لأنه ليس عليه شيء، ولكن بالنسبة إلى العسكريين فلن يعودوا أبدا مهما كلف الأمر؛ لأن مصيرهم معروف.. ودون مساعدات لن نستطيع العيش، فأنا على سبيل المثال مريض بالقلب والشرايين، وما يصلني من فاعلي الخير أشتري به أدوية”.
ودعا المجتمع الدولي إلى “عدم ترك السوريين؛ لأن الوضع مأساوي.. الأردن تحمل الكثير ولم يقصر معنا، ولكن بما نراه حالياً لا نعلم إلى أين نسير”.
وحصلت المنظمات الأممية على 33 في المئة فقط من متطلباتها المالية لعام 2023 بالنسبة إلى الأردن، وأعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في 13 يوليو الماضي أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة “سيقطع الدعم الحيوي عن اللاجئين السوريين بالمملكة اعتباراً من أول أغسطس 2023”.
وقال الوزير في وقت سابق إن “وكالات الأمم المتحدة الأخرى وبعض المانحين يفعلون الشيء نفسه، لن نكون قادرين على سد الفجوة، وسيعاني اللاجئون.. لا يمكننا تحمل هذا العبء وحدنا.. توفير حياة كريمة للاجئين مسؤولية عالمية، ليس بلدنا وحده كبلد مضيف، ويجب أن تعمل الأمم المتحدة لتمكين العودة الطوعية، وحتى ذلك الحين يجب أن تحافظ وكالاتها على الدعم الكافي”.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي في 19 يوليو تقليص مساعداته الشهرية لأكثر من 100 ألف لاجئ سوري يقيمون في الأردن، اعتبارا من الأول من أغسطس، بسبب نقص التمويل، دون الحديث عن وقفها بشكل كامل، وقال البرنامج في بيان: “سيضطر البرنامج آسفا إلى تخفيض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق البالغ عددهم 119 ألف لاجئ بسبب نقص في التمويل”.
وأضاف المدير القُطري الممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي في الأردن ألبرتو كوريا مينديز: “نشعر بقلق بالغ إزاء تراجع حالة الأمن الغذائي لدى الأسر اللاجئة، مع نقص التمويل فإن أيدينا مقيدة”، بينما يوجد في المملكة 66 ألف لاجئ عراقي و14 ألف يمني و6 آلاف سوداني، إضافة إلى بضعة آلاف من جنسيات أخرى.
وبلغ عدد العائدين السوريين من الأردن إلى بلدهم نحو 40 ألفا فقط، منذ العام 2018، منهم 5800 عادوا في آخر عامين، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يُذكر أن الأردن يستضيف نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم مسجلون لدى المفوضية بصفة “لاجئ”، فضلاً عن 66 ألف لاجئ عراقي و14 ألف يمني و6 آلاف سوداني، إضافة إلى بضعة آلاف من جنسيات أخرى، بينها الصومالية.